وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: ١٠]
[سَبَأٍ: ١٠، ١١] . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي قِصَّتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي " التَّفْسِيرِ " طِيبَ صَوْتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ سَخَّرَ لَهُ الطَّيْرَ تُسَبِّحُ مَعَهُ، وَكَانَتِ الْجِبَالُ أَيْضًا تُجِيبُهُ وَتُسَبِّحُ مَعَهُ، وَكَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ ; كَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ فَيَقْرَأُ الزَّبُورَ بِمِقْدَارِ مَا يَفْرَغُ مِنْ شَأْنِهَا ثُمَّ يَرْكَبُ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَنَ الصَّوْتِ طَيِّبَهُ ; بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ. قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَغْرِبِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَمَا سَمِعْتُ صَوْتًا أَطْيَبَ مِنْ صَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَكَانَ يَقْرَأُ تَرْتِيلًا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، بِذَلِكَ. وَأَمَّا تَسْبِيحُ الطَّيْرِ مَعَ دَاوُدَ، فَتَسْبِيحُ الْجِبَالِ الصُّمِّ الْجَمَادِ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أَنِ الْحَصَا سَبَّحَ فِي كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَهَذَا حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ. وَكَانَتِ الْأَحْجَارُ وَالْأَشْجَارُ وَالْمَدَرُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute