يَصْنَعُ مِنْهُ هَذِهِ الدُّرُوعَ الدَّاوُدِيَّةَ، وَهِيَ الزَّرَّدِيَّاتُ السَّابِغَاتُ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِكَيْفِيَّةِ عَمَلِهَا: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: ١١] . أَيْ أَلَّا تُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَقْلَقَ، وَلَا تُغْلِّظْهُ فَيَفْصِمَ، كَمَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: ٨٠] . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ:
نَسْجُ دَاوُدَ مَا حَمَى صَاحِبَ الْغَا ... رِ وَكَانَ الْفَخَارُ لِلْعَنْكَبُوتِ
وَالْمَقْصُودُ الْمُعْجِزُ فِي إِلَانَةِ الْحَدِيدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي السِّيرَةِ عِنْدَ ذِكْرِ حَفْرِ الْخَنْدَقِ عَامَ الْأَحْزَابِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ - وَقِيلَ: خَمْسٍ - أَنَّهُمْ عَرَضَتْ لَهُمْ كُدْيَةٌ، وَهِيَ الصَّخْرَةُ فِي الْأَرْضِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى كَسْرِهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رَبَطَ حَجَرًا عَلَى بَطْنِهِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فَضَرَبَهَا ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ، لَمَعَتِ الْأُولَى حَتَّى أَضَاءَتْ لَهُ مِنْهَا قُصُورُ الشَّامِ وَبِالثَّانِيَةِ قُصُورُ فَارِسَ، وَبِالثَّالِثَةِ قُصُورُ صَنْعَاءَ، ثُمَّ انْثَالَتِ الصَّخْرَةُ كَأَنَّهَا كَثِيبٌ أَهْيَلُ مِنَ الرَّمْلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِينَ الصُّخُورِ الَّتِي لَا تَنْفَعِلُ وَلَا بِالنَّارِ أَعْجَبُ مِنْ لِينِ الْحَدِيدِ الَّذِي إِذَا حَمِيَ لَانَ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute