للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا أَكْلُ دَاوُدَ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ أَيْضًا، كَمَا كَانَ يَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِ مَكَّةَ عَلَى قَرَارِيطَ، وَقَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ» . وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فِي تِجَارَةٍ لِخَدِيجَةَ مُضَارَبَةً، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الفرقان: ٧] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٢٠]

[الْفَرْقَانِ: ٧ - ٢٠] . أَيْ لِلتَّكَسُّبِ وَالتِّجَارَةِ طَلَبًا لِلرِّبْحِ الْحَلَالِ. ثُمَّ لَمَّا شَرَعَ اللَّهُ لَهُ الْجِهَادَ بِالْمَدِينَةِ، كَانَ يَأْكُلُ مِمَّا أَبَاحَ لَهُ مِنَ الْمَغَانِمِ الَّتِي لَمْ تُبَحْ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ، وَمِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الَّتِي أُبِيحَتْ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ. كَمَا جَاءَ فِي " الْمُسْنَدِ " وَ " التِّرْمِذِيِّ " عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .

وَأَمَّا إِلَانَةُ الْحَدِيدِ لِدَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ ; كَانَ الْحَدِيدُ يَلِينُ فِي يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، كَمَا يَلِينُ الْعَجِينُ فِي يَدِهِ، فَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>