للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْذِرُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ قَائِلُهُمْ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا مَا مَاتَ. وَلَمْ يَبْقَ بِهَا بَلْدَةٌ عَلَى الثَّبَاتِ سِوَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: جُوَاثَى. كَانَتْ أَوَّلَ قَرْيَةٍ أَقَامَتِ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ حَاصَرَهُمُ الْمُرْتَدُّونَ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمْ، حَتَّى مُنِعُوا مِنَ الْأَقْوَاتِ وَجَاعُوا جَوْعًا شَدِيدًا حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَذَفٍ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ، وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْجُوعُ:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا ... وَفِتْيَانَ الْمَدِينَةِ أَجَمْعِينَا

فَهَلْ لَكَمُ إِلَى قَوْمٍ كِرَامٍ ... قُعُودٍ فِي جُوَاثَى مُحْصَرِينَا

كَأَنَّ دِمَاءَهُمْ فِي كُلِّ فَجٍّ ... شُعَاعُ الشَّمْسِ يَغْشَى النَّاظِرِينَا

تَوَكَّلْنَا عَلَى الرَّحْمَنِ إِنَّا ... وَجَدْنَا الصَّبْرَ لِلْمُتَوَكِّلِينَا

وَقَدْ قَامَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَهُوَ الْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلَّى، وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، وَقَدْ جَمَعَهُمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ عَبْدِ الْقَيْسِ، إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ أَمْرٍ، فَأَخْبِرُونِي إِنْ عَلِمْتُمُوهُ وَلَا تُجِيبُونِي إِنْ لَمْ تَعْلَمُوهُ. فَقَالُوا: سَلْ. قَالَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ لِلَّهِ أَنْبِيَاءُ قَبْلَ مُحَمَّدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: تَعْلَمُونَهُ أَمْ تَرَوْنَهُ؟ قَالُوا: نَعْلَمُهُ. قَالَ: فَمَا فَعَلُوا؟ قَالُوا: مَاتُوا. قَالَ: فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ كَمَا مَاتُوا، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا: وَنَحْنُ أَيْضًا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْتَ أَفْضَلُنَا وَسَيِّدُنَا، وَثَبَتُوا عَلَى إِسْلَامِهِمْ، وَتَرَكُوا بَقِيَّةَ النَّاسِ فِيمَا هُمْ فِيهِ. وَبَعَثَ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا قَدَّمْنَا إِلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْبَحْرَيْنِ، جَاءَ إِلَيْهِ ثُمَامَةُ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>