أَثَالٍ فِي جَحْفَلٍ كَثِيرٍ، وَجَاءَ كُلُّ أُمَرَاءِ تِلْكَ النَّوَاحِي، فَانْضَافُوا إِلَى جَيْشِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَأَكْرَمَهُمُ الْعَلَاءُ وَتَرَحَّبَ بِهِمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ الْعَلَاءُ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ مُجَابِي الدَّعْوَةِ، اتَّفَقَ لَهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ النَّاسُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى نَفَرَتِ الْإِبِلُ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ زَادِ الْجَيْشِ وَخِيَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، وَبَقُوا عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ سِوَى ثِيَابِهِمْ، وَذَلِكَ لَيْلًا، وَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهَا عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ، فَرَكِبَ النَّاسُ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوَصَفُ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُوصِي إِلَى بَعْضٍ، فَنَادَى مُنَادِي الْعَلَاءِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَسْتُمُ الْمُسْلِمِينَ؟ أَلَسْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ أَلَسْتُمْ أَنْصَارَ اللَّهِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَبْشِرُوا، فَوَاللَّهِ لَا يَخْذِلُ اللَّهُ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِكُمْ. وَنُودِيَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَثَا النَّاسُ، وَنَصِبَ فِي الدُّعَاءِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَفَعَلَ النَّاسُ مِثْلَهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَى سَرَابِ الشَّمْسِ يَلْمَعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَهُوَ يَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ، فَلَمَّا لَمَعَ الثَّالِثَةَ إِذَا قَدْ خَلَقَ اللَّهُ إِلَى جَانِبِهِمْ غَدِيرًا عَظِيمًا مِنَ الْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَمَشَى وَمَشَى النَّاسُ إِلَيْهِ، فَشَرِبُوا وَاغْتَسَلُوا فَمَا تَعَالَى النَّهَارُ حَتَّى أَقْبَلَتِ الْإِبِلُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ بِمَا عَلَيْهَا، لَمْ يَفْقِدِ النَّاسُ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ سِلْكًا، فَسَقَوُا الْإِبِلَ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ، فَكَانَ هَذَا مِمَّا عَايَنَ النَّاسُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ بِهَذِهِ السَّرِيَّةِ، ثُمَّ لَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ جُيُوشِ الْمُرْتَدَّةِ - وَقَدْ حَشَدُوا وَجَمَعُوا خَلْقًا عَظِيمًا - نَزَلَ وَنَزَلُوا، وَبَاتُوا مُتَجَاوِرِينَ فِي الْمَنَازِلِ، فَبَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute