وَقَدِ اتَّبَعَ خَالِدٌ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الرُّومِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلْحِنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ اتَّبَعَهُمْ إِلَى ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ سَاقَ وَرَاءَهُمْ إِلَى حِمْصَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَصَالَحَهُمْ كَمَا صَالَحَ أَهْلُ دِمَشْقَ، وَبَعَثَ أَبُو عُبَيْدَةَ عِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ وَرَاءَهُمْ أَيْضًا، فَسَاقَ حَتَّى وَصَلَ مَلَطْيَةَ فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا وَرَجَعَ، فَلَمَّا بَلَغَ هِرَقْلَ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَى مُقَاتِلِيهَا فَحَضَرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَمَرَ بِمَلَطْيَةَ فَحُرِقَتْ، وَانْتَهَتِ الرُّومُ مُنْهَزِمَةً إِلَى هِرَقْلَ وَهُوَ بِحِمْصَ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي آثَارِهِمْ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَغْنَمُونَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى هِرَقْلَ ارْتَحَلَ مِنْ حِمْصَ، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَّسَ بِهَا، وَقَالَ هِرَقْلُ: أَمَّا الشَّامُ فَلَا شَامَ، وَوَيْلٌ لِلرُّومِ مِنَ الْمَوْلُودِ الْمَشْئُومِ.
وَمِمَّا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي يَوْمِ الْيَرْمُوكِ قَوْلُ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو:
أَلَمْ تَرَنَا عَلَى الْيَرْمُوكِ فُزْنَا ... كَمَا فُزْنَا بِأَيَّامِ الْعِرَاقِ
فَتَحْنَا قَبْلَهَا بُصْرَى وَكَانَتْ ... مُحَرَّمَةَ الْجَنَابِ لَدَى الْبُعَاقِ
وَعَذْرَاءَ الْمَدَائِنِ قَدْ فَتَحْنَا ... وَمَرَجَ الصُّفَّرَيْنِ عَلَى الْعِتَاقِ
قَتَلْنَا مَنْ أَقَامَ لَنَا وَفِينَا ... نِهَابُهُمُ بِأَسْيَافٍ رِقَاقِ
قَتَلْنَا الرُّومَ حَتَّى مَا تُسَاوِي ... عَلَى الْيَرْمُوكِ ثُفْرُوقَ الْوِرَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute