للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ [الْقِصَصِ ١ - ٦]. يَذْكُرُ تَعَالَى مُلَخَّصَ الْقِصَّةِ ثُمَّ يَبْسُطُهَا بَعْدَ هَذَا، فَذَكَرَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتْلُو عَلَى نَبِيِّهِ خَبَرَ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ; أَيْ بِالصِّدْقِ الَّذِي كَأَنَّ سَامِعَهُ مُشَاهِدٌ لِلْأَمْرِ مُعَايِنٌ لَهُ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا أَيْ; تَجَبَّرَ وَعَتَا، وَطَغَى وَبَغَى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَأَعْرَضَ عَنْ طَاعَةِ الرَّبِّ الْأَعْلَى. وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا أَيْ; قَسَّمَ رَعِيَّتَهُ إِلَى أَقْسَامٍ وَفِرَقٍ وَأَنْوَاعٍ يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَهُمْ شَعْبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ هُمْ مِنْ سُلَالَةِ نَبِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ. وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ خِيَارَ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَقَدْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذَا الْمَلِكَ الظَّالِمَ الْغَاشِمَ الْكَافِرَ الْفَاجِرَ، يَسْتَعْبِدُهُمْ وَيَسْتَخْدِمُهُمْ فِي أَخَسِّ الصَّنَائِعِ وَالْحِرَفِ، وَأَرْدَئِهَا، وَأَدْنَاهَا، وَمَعَ هَذَا يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ الْقَبِيحِ، أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَتَدَارَسُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَا كَانُوا يَأْثُرُونَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، ، مِنْ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ غُلَامٌ يَكُونُ هَلَاكُ مَلِكِ مِصْرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، حِينَ جَرَى عَلَى سَارَّةَ امْرَأَةِ الْخَلِيلِ مِنْ مَلِكِ مِصْرَ، مِنْ إِرَادَتِهِ إِيَّاهَا عَلَى السُّوءِ، وَعِصْمَةِ اللَّهِ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>