جَلَسَ عَلِيٌّ حَتَّى دَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ يُوتِرُ مَعَ الْفَجْرِ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ لِي كَمَا قَالَ لِي عَلِيٌّ سَوَاءً، ثُمَّ خَرَجَ، فَدَخَلْتُ بِهِمَا عَلَى خَالِي وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْكُمَا، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْدِلُ بِكُمَا أَحَدًا. ثُمَّ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا لَئِنْ وَلَّاهُ لَيَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ وَلَّى عَلَيْهِ لَيَسْمَعَنَّ وَلِيُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ لَبِسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَامَةَ الَّتِي عَمَّمَهُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَلَّدَ سَيْفًا، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ عَامَّةً: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ حَتَّى غَصَّ بِالنَّاسِ، وَتَرَاصَّ النَّاسُ، وَتَرَاصُّوا حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِعُثْمَانَ مَوْضِعٌ يَجْلِسُ فِيهِ إِلَّا فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسُ - وَكَانَ رَجُلًا حَيِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ صَعِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَفَ وُقُوفًا طَوِيلًا، وَدَعَا دُعَاءً طَوِيلًا، لَمْ يَسْمَعْهُ النَّاسُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُكُمْ سِرًّا وَجَهْرًا، مَثْنَى وَفُرَادَى، فَلَمْ أَجِدْكُمْ تَعْدِلُونَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؛ إِمَّا عَلِيٌّ وَإِمَّا عُثْمَانُ، فَقُمْ إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَوَقَفَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، فَأَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا، وَلَكِنْ عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي. قَالَ: فَأَرْسَلَ يَدَهُ وَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute