للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ نَفَسًا، وَلَا ارْتَدَّ بَعْدَ إِيمَانِهِ، وَلَا زَنَى فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، بَلْ وَلَا مَسَّ فَرْجَهُ بِيَمِينِهِ بَعْدَ أَنْ بَايَعَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ أَنْ كَتَبَ بِهَا الْمُفَصَّلَ. ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمْ مِنْ فَضَائِلِهِ وَمَنَاقِبِهِ مَا لَعَلَّهُ يَنْجَعُ فِيهِمْ بِالْكَفِّ عَنْهُ وَالرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ، فَأَبَوْا إِلَّا الِاسْتِمْرَارَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ. وَمَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ عِنْدِهِ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَالُ، وَضَاقَ الْمَجَالُ، وَنَفَدَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَاسْتَغَاثَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَرَكِبَ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ وَحَمَلَ مَعَهُ قِرَبًا مِنَ الْمَاءِ فَبِالْجَهْدِ حَتَّى أَوْصَلَهَا إِلَيْهِ بَعْدَ مَا نَالَهُ مِنْ جَهَلَةِ أُولَئِكَ كَلَامٌ غَلِيظٌ، وَتَنْفِيرٌ لِدَابَّتِهِ، وَإِخْرَاقٌ عَظِيمٌ بَلِيغٌ، وَكَانَ قَدْ زَجَرَهُمْ أَتَمَّ الزَّجْرِ، حَتَّى قَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ لَا يَفْعَلُونَ كَفِعْلِكُمْ هَذَا بِهَذَا الرَّجُلِ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لِيَأْسِرُونِ فَيُطْعِمُونَ وَيَسْقُونَ. فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا مِنْهُ حَتَّى رَمَى بِعِمَامَتِهِ فِي وَسَطِ الدَّارِ، وَجَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَاكِبَةً بَغْلَةً وَحَوْلَهَا حَشَمُهَا وَخَدَمُهَا، فَقَالُوا: مَا جَاءَ بِكِ؟ فَقَالَتْ: إِنْ عِنْدَهُ وَصَايَا بَنِي أُمَيَّةَ لِأَيْتَامٍ وَأَرَامِلَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُذَكِّرَهُ بِهَا. فَكَذَّبُوهَا فِي ذَلِكَ، وَنَالَهَا مِنْهُمْ شِدَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَطَعُوا حِزَامَ الْبَغْلَةِ وَنَدَّتْ بِهَا، وَكَادَتْ أَوْ سَقَطَتْ عَنْهَا، وَكَادَتْ تُقْتَلُ لَوْلَا تَلَاحَقَ بِهَا النَّاسُ فَأَمْسَكُوا بِدَابَّتِهَا، وَوَقَعَ أَمْرٌ كَبِيرٌ جِدًّا، وَلَمْ يَبْقَ يَحْصُلُ لِعُثْمَانَ وَأَهْلِهِ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يُوصِلُهُ إِلَيْهِمْ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْخُفْيَةِ لَيْلًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>