عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْأَعْوَرُ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: لَمَّا أَتَى عَلِيٌّ الرَّقَّةَ، نَزَلَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الْبَلِيخُ. عَلَى جَانِبِ الْفُرَاتِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إِنَّ عِنْدَنَا كِتَابًا تَوَارَثْنَاهُ عَنْ آبَائِنَا، كَتَبَهُ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، أَعْرِضُهُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ. فَقَرَأَ الرَّاهِبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الَّذِي قَضَى فِيمَا قَضَى، وَسَطَّرَ فِيمَا سَطَّرَ، وَكَتَبَ فِيمَا كَتَبَ أَنَّهُ بَاعِثٌ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، وَيَدُلُّهُمْ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ، لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، وَفِي كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ تَذِلُّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَيَنْصُرُهُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَاوَأَهُ، فَإِذَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ اخْتَلَفَتْ أُمَّتُهُ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ فَلَبِثَتْ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ، ثُمَّ يَمُرُّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ بِشَاطِئِ هَذَا الْفُرَاتِ، يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيَقْضِي بِالْحَقِّ، وَلَا يُنَكِّسُ الْحُكْمُ، الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّمَادِ - أَوْ قَالَ: التُّرَابِ - فِي يَوْمٍ عَصَفَتْ فِيهِ الرِّيحُ، وَالْمَوْتُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ، يَخَافُ اللَّهَ فِي السِّرِّ، وَيَنْصَحُ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ النَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ فَآمَنَ بِهِ، كَانَ ثَوَابُهُ رِضْوَانِي وَالْجَنَّةَ، وَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْعَبْدَ الصَّالِحَ فَلْيَنْصُرْهُ، فَإِنَّ الْقَتْلَ مَعَهُ شَهَادَةٌ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute