للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنَا أُصَاحِبُكَ فَلَا أُفَارِقُكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ. فَبَكَى عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَكَرَنِي عِنْدَهُ فِي كُتُبِ الْأَبْرَارِ. فَمَضَى الرَّاهِبُ مَعَهُ وَأَسْلَمَ، فَكَانَ مَعَ عَلِيٍّ حَتَّى أُصِيبَ يَوْمَ صِفِّينَ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ يَدْفِنُونَ قَتْلَاهُمْ قَالَ عَلِيٌّ: اطْلُبُوا الرَّاهِبَ. فَلَمَّا وَجَدُوهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

وَقَدْ بَعَثَ عَلِىٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ طَلِيعَةً فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، وَمَعَهُ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَسَارُوا فِي طَرِيقٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَقَطَعَ دِجْلَةَ مِنْ جِسْرِ مَنْبِجٍ، وَسَارَتِ الْمُقَدِّمَتَانِ، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَكِبَ فِي أَهْلِ الشَّامِ ; لِيَلْقَى عَلِيًّا، فَهَمُّوا بِلِقَائِهِ، فَخَافُوا مِنْ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، فَعَدَلُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ وَجَاءُوا لِيَعْبُرُوا مِنْ عَانَاتَ، فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ عَانَاتَ، فَسَارُوا فَعَبَرُوا مِنْ هِيتَ، ثُمَّ لَحِقُوا عَلِيًّا - وَقَدْ سَبَقَهُمْ - فَقَالَ عَلِيٌّ: مُقَدِّمَتِي تَأْتِي مِنْ وَرَائِي! فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ بِمَا جَرَى لَهُمْ، فَعَذَرَهُمْ ثُمَّ قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ أَنْ عَبَرَ الْفُرَاتَ، فَتَلَقَّاهُمْ أَبُو الْأَعْوَرِ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ السُّلَمِىُّ فِي مُقَدِّمَةِ أَهْلِ الشَّامِ، فَتَوَاقَفُوا، وَدَعَاهُمْ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَمِيرُ مُقَدِّمَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى بَيْعَةِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُجِيبُوهُ بِشَيْءٍ، فَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ أَمِيرًا، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ شُرَيْحٌ، وَأَمَرَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>