للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أُمَامَةَ، فَدَخَلَا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَا لَهُ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَامَ تُقَاتِلُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَقْدَمُ مِنْكَ وَمِنْ أَبِيكَ سَلْمًا، وَأَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ. فَقَالَ: أُقَاتِلُهُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ، وَأَنَّهُ أَوَى قَتَلَتَهُ، فَاذْهَبَا إِلَيْهِ فَقُولَا لَهُ فَلْيُقِدْنَا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، ثُمَّ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ. فَذَهَبَا إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَرَوْنَ. فَخَرَجَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَةُ عُثْمَانَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَرْمِنَا وَلْيَكِدْنَا. قَالَ: فَرَجَعَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أُمَامَةَ فَلَمْ يَشْهَدَا لَهُمْ قِتَالًا، بَلْ لَزِمَا بُيُوتَهُمَا.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ: حَتَّى إِذَا كَانَ رَجَبٌ وَخَشِيَ مُعَاوِيَةُ أَنْ تُبَايِعَ الْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ عَلِيًّا، كَتَبَ فِي سَهْمٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِحِ، يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ يُرِيدُ أَنْ يَفْجُرَ عَلَيْكُمُ الْفُرَاتَ لِيُغْرِقَكُمْ، فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. وَرَمَى بِهِ فِي جَيْشِ أَهْلِ الْعِرَاقِ. فَأَخَذَهُ النَّاسُ فَقَرَأُوهُ وَتَحَدَّثُوا بِهِ، وَذَكَرُوهُ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا مَا لَا يَكُونُ وَلَا يَقَعُ. وَشَاعَ ذَلِكَ فِيهِمْ، وَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ مِائَتَيْ فَاعِلٍ يَحْفِرُونَ فِي جَنْبِ الْفُرَاتِ وَبَلَغَ النَّاسَ ذَلِكَ، فَخَافَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَلِكَ وَفَزِعُوا إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: وَيَحْكُمُ إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَخْدَعَكُمْ وَيُوهِنَ كَيْدَكُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>