للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُزِيلَكُمْ عَنْ مَكَانِكُمْ هَذَا وَيَنْزِلَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ خَشِيَ مِنْ مَكَانِهِ. فَقَالُوا: لَا بُدَّ أَنْ نَرْتَحِلَ عَنْ هَذَا الْمَكَانِ. فَارْتَحَلُوا مِنْهُ - وَجَاءَ مُعَاوِيَةُ فَنَزَلَهُ بِجَيْشِهِ - وَكَانَ عَلِيٌّ آخَرَ مَنِ ارْتَحَلَ، فَنَزَلَ بِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ:

فَلَوْ أَنِّي أَطَعْتُ عَصَمْتُ قَوْمِي ... إِلَى رُكْنِ الْيَمَامَةِ أَوْ شَمَامِ

وَلَكِنِّي إِذَا أَبْرَمْتُ أَمْرًا ... يُخَالِفُهُ الطَّغَامُ بَنُو الطَّغَامِ

قَالَ: فَأَقَامُوا إِلَى شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ شَرَعُوا فِي الْقِتَالِ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ يُؤَمِّرُ عَلَى الْحَرْبِ كُلَّ يَوْمٍ رَجُلًا، وَأَكْثَرُ مَنْ كَانَ يُؤَمِّرُ الْأَشْتَرُ. وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ كَانَ يُؤَمِّرُ كُلَّ يَوْمٍ أَمِيرًا، فَاقْتَتَلُوا شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ بِكَمَالِهِ، وَرُبَّمَا اقْتَتَلُوا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ مَرَّتَيْنِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الرُّسُلُ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَالنَّاسُ كَافُّونَ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى انْسَلَخَ الْمُحَرَّمُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ، فَأَمَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَرْثَدَ بْنَ الْحَارِثِ الْجُشَمِيَّ، فَنَادَى أَهْلَ الشَّامِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ: أَلَا إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي قَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>