بِقَتْلِ مُوسَى، ﵇، وَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ وَشَاوَرَ مَلَأَهُ فِيهِ، خَافَ هَذَا الْمُؤْمِنُ عَلَى مُوسَى، فَتَلَطَّفَ فِي رَدِّ فِرْعَوْنَ بِكَلَامٍ جَمَعَ فِيهِ التَّرْغِيبَ وَالتَّرْهِيبَ، فَقَالَ كَلِمَةَ الْحَقِّ عَلَى وَجْهِ الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَهَذَا مِنْ أَعْلَى مَرَاتِبِ هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَا يَكُونُ أَشَدُّ جَوْرًا مِنْهُ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَا أَعْدَلَ مِنْهُ; لِأَنَّ فِيهِ عِصْمَةَ دَمِ نَبِيٍّ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُمْ بِإِظْهَارِ إِيمَانِهِ، وَصَرَّحَ لَهُمْ بِمَا كَانَ يَكْتُمُهُ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ أَيْ; مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَالَ: رَبِّيَ اللَّهُ. فَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَابَلُ بِمِثْلِ هَذَا، بَلْ بِالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ وَالْمُوَادَعَةِ وَتَرَكِ الِانْتِقَامِ، يَعْنِي: لِأَنَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ; بِالْخَوَارِقِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى صَدْقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ عَمَّنْ أَرْسَلَهُ فَهَذَا إِنْ وَادَعْتُمُوهُ كُنْتُمْ فِي سَلَامَةٍ; لِأَنَّهُ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَلَا يَضُرُّكُمْ ذَلِكَ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا وَقَدْ تَعَرَّضْتُمْ لَهُ يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَيْ; وَأَنْتُمْ تُشْفِقُونَ أَنْ يَنَالَكُمْ أَيْسَرُ جَزَاءٍ مِمَّا يَتَوَعَّدُكُمْ بِهِ، فَكَيْفَ بِكُمْ إِنَّ حَلَّ جَمِيعُهُ عَلَيْكُمْ؟ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute