الْكِتَابِ، وَجَارُوا فِي الْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، وَأَنَّ جِهَادَهُمْ حَقٌّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَبَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَجَرَةُ السُّلَمِيُّ. ثُمَّ حَرَّضَ أُولَئِكَ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ فِي كَلَامِهِ: اضْرِبُوا وُجُوهَهُمْ وَجِبَاهَهُمْ بِالسُّيُوفِ حَتَّى يُطَاعَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَإِنْ أَنْتُمْ ظَفِرْتُمْ وَأُطِيعَ اللَّهُ كَمَا أَرَدْتُمْ، آتَاكُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الْمُطِيعِينَ لَهُ الْعَامِلِينَ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ قُتِلْتُمْ فَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنَ الصَّبْرِ وَالْمَصِيرِ إِلَى اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ؟
قُلْتُ: وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَغْرَبَ أَشْكَالِ بَنِي آدَمَ، فَسُبْحَانَ مَنْ نَوَّعَ خَلْقَهُ كَمَا أَرَادَ، وَسَبَقَ فِي قَدَرِهِ ذَلِكَ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي الْخَوَارِجِ: إِنَّهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٣]
[الْكَهْفِ: ١٠٣ - ١٠٥] . وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةَ الضُّلَّالَ، وَالْأَشْقِيَاءَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَوَاطَئُوا عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْمَدَائِنِ ; لِيَمْلِكُوهَا وَيَتَحَصَّنُوا بِهَا، ثُمَّ يَبْعَثُوا إِلَى إِخْوَانِهِمْ وَأَضْرَابِهِمْ - مِمَّنْ هُوَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا - فَيُوَافُوهُمْ إِلَيْهَا، وَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute