اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُمْ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ الطَّائِيُّ: إِنَّ الْمَدَائِنَ لَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ بِهَا جَيْشًا لَا تُطِيقُونَهُ وَسَيَمْنَعُوهَا مِنْكُمْ، وَلَكِنْ وَاعِدُوا إِخْوَانَكُمْ إِلَى جِسْرِ نَهْرِ جُوخَا، وَلَا تَخْرُجُوا مِنَ الْكُوفَةِ جَمَاعَاتٍ، وَلَكِنِ اخْرُجُوا وُحْدَانَا لِئَلَّا يَشْعُرُوا بِكُمْ. فَكَتَبُوا كِتَابًا عَامًّا إِلَى مَنْ هُوَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَمَسْلَكِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَبَعَثُوا بِهِ إِلَيْهِمْ لِيُوَافُوهُمْ إِلَى النَّهْرِ، لِيَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ خَرَجُوا يَتَسَلَّلُونَ وُحْدَانَا ; لِئَلَّا يَعْلَمَ أَحَدٌ بِهِمْ فَيَمْنَعُوهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ فَخَرَجُوا مِنْ بَيْنِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَفَارَقُوا سَائِرَ الْقِرَابَاتِ، يَعْتَقِدُونَ بِجَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عِلْمِهِمْ وَعَقْلِهِمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يُرْضِي رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَالذُّنُوبِ الْمُوبِقَاتِ، وَالْعَظَائِمِ وَالْخَطِيئَاتِ، وَأَنَّهُ مِمَّا يُزَيِّنُهُ لَهُمْ إِبْلِيسُ وَأَنْفُسُهُمُ الَّتِي هِيَ بِالسُّوءِ أَمَّارَاتٌ. وَقَدْ تَدَارَكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بَعْضَ أَوْلَادِهِمْ وَقَرَابَاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ فَرَدُّوهُمْ وَوَبَّخُوهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالْخَوَارِجِ فَخَسِرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَوَافَى إِلَيْهِمْ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute