للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الصَّحِيحَيْنِ»، مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ: لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى. وَذَكَرَ تَمَامَهُ. وَهَذَا مِنْ بَابِ الْهَضْمِ وَالتَّوَاضُعِ، أَوْ نَهْيٌ عَنِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ وَالْعَصَبِيَّةِ، أَوْ لَيْسَ هَذَا إِلَيْكُمْ، بَلِ اللَّهُ هُوَ الَّذِي رَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ، وَلَيْسَ يُنَالُ هَذَا بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ، بَلْ بِالتَّوْقِيفِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ، ثُمَّ نُسِخَ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ. فَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ; لَأَنَّ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا هَاجَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَّا عَامَ خَيْبَرَ مُتَأَخِّرًا، فَيَبْعُدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا إِلَّا بَعْدَ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَفْضَلُ الْبَشَرِ، بَلِ الْخَلِيقَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آلِ عِمْرَانَ: ١١٠]. وَمَا كَمُلُوا إِلَّا بِشَرَفِ نَبِيِّهِمْ، وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِصَاصَهُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ، الَّذِي تَحِيدُ عَنْهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، حَتَّى أُولُو الْعَزْمِ الْأَكْمَلُونَ; نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. وَقَوْلُهُ : فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَأَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِقَائِمَةِ الْعَرْشِ - أَيْ; آخِذًا بِهَا - فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>