للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُحَمَّدٍ جَمِيعُ النَّاسِ مَا آمَنْتُ بِهِ. فَلَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ، وَخَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ خَرَجْتُ مَعَهُ; رَجَاءَ أَنْ أَجِدَ فُرْصَةً آخُذُ بِثَأْرِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا مِنْهُ. قَالَ: فَاخْتَلَطَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بَغْلَتِهِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَانْتَضَيْتُ سَيْفِي لِأَضْرِبَهُ بِهِ، فَرُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ كَادَ يَمْحَشُنِي، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: «يَا شَيْبَةُ، ادْنُ مِنِّي». فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ» قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى لَهْوَ يَوْمَئِذٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَقَاتِلْ». قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَى الْعَدُوِّ، وَاللَّهِ لَوْ لَقِيتُ أَبِي لَقَتَلْتُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَلَمَّا تَرَاجَعَ النَّاسُ قَالَ لِي: «يَا شَيْبَةُ، الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ لَنَفْسِكَ». ثُمَّ حَدَّثَنِي بِكُلِّ مَا كَانَ فِي نَفْسِي مِمَّا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ ﷿، فَتَشَهَّدْتُ وَقُلْتُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. فَقَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ».

وَلِيَ الْحِجَابَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَاسْتَقَرَّتِ الْحِجَابَةُ فِي بَنِيهِ وَبَيْتِهِ إِلَى الْيَوْمِ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ بَنُو شَيْبَةَ، وَهُمْ حَجَبَةُ الْكَعْبَةِ.

قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: بَقِيَ إِلَى أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي «الْمُنْتَظَمِ»: مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>