للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَهُ ابْنُ مَرْجَانَةَ. يَعْنِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، وَقَالَ لِلرُّسُلِ الَّذِينَ جَاءُوا بِرَأْسِهِ: قَدْ كَانَ يَكْفِيكُمْ مِنَ الطَّاعَةِ دُونَ هَذَا. وَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا، وَأَكْرَمَ آلَ بَيْتِ الْحُسَيْنِ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا فُقِدَ لَهُمْ وَأَضْعَافَهُ، وَرَدَّهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي تَجَمُّلٍ وَأُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَقَدْ نَاحَ أَهْلُهُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى الْحُسَيْنِ مَعَ آلِهِ - حِينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

وَقِيلَ: إِنَّ يَزِيدَ فَرِحَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ أَوَّلَ مَا بَلَغَهُ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: إِنَّ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ الْجَرْمِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قَتَلَ ابْنُ زِيَادٍ الْحُسَيْنَ وَبَنِي أَبِيهِ، بَعَثَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى يَزِيدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِمْ أَوَّلًا، وَحَسُنَتْ بِذَلِكَ مَنْزِلَةُ ابْنِ زِيَادٍ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى نَدِمَ، فَكَانَ يَقُولُ: وَمَا كَانَ عَلَيَّ لَوِ احْتَمَلْتُ الْأَذَى وَأَنْزَلْتُهُ فِي دَارِي وَحَكَّمْتُهُ فِيمَا يُرِيدُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَكَفٌ وَوَهْنٌ فِي سُلْطَانِي ; حِفْظًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ وَقَرَابَتِهِ. ثُمَّ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ أَوْ يَأْتِيَنِي أَوْ يَكُونَ بِثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَبَى عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ، فَبَغَّضَنِي بِقَتْلِهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَزَرَعَ لِي فِي قُلُوبِهِمُ الْعَدَاوَةَ، فَأَبْغَضَنِي الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ بِمَا اسْتَعْظَمَ النَّاسُ مِنْ قَتْلِي حُسَيْنًا، مَا لِي وَلِابْنِ مَرْجَانَةَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، وَغَضِبَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>