للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَسَكَهُ وَأَوْثَقَهُ بِالْحَدِيدِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ بِهِ يَدًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ، وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ رُتْبِيلَ سُرَّ بِقُدُومِ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ الْعَامِلِ بِمَدِينَةِ بُسْتَ، سَارَ حَتَّى أَحَاطَ بِبُسْتَ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَامِلِهَا يَقُولُ لَهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ آذَيْتَ ابْنَ الْأَشْعَثِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَسَتَنْزِلُكَ، وَأَقْتُلُ جَمِيعَ مَنْ فِي بَلَدِكَ. فَخَافَهُ ذَلِكَ الْعَامِلُ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِ ابْنَ الْأَشْعَثِ، فَأَكْرَمَهُ رُتْبِيلُ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْعَثِ لرُتْبِيلَ: إِنَّ هَذَا الْعَامِلَ كَانَ عَامِلِي وَمِنْ جِهَتِي، فَغَدَرَ بِي، وَفَعَلَ مَا رَأَيْتَ فَأْذَنْ لِي فِي قَتْلِهِ. فَقَالَ: قَدْ أَمَّنْتُهُ. وَكَانَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ هُنَالِكَ فِي بِلَادِ رُتْبِيلَ، ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْفَلِّ الَّذِينَ هَرَبُوا مِنَ الْحَجَّاجِ اجْتَمَعُوا وَسَارُوا وَرَاءَ ابْنِ الْأَشْعَثِ; لِيُدْرِكُوهُ فَيَكُونُوا مَعَهُ، وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ سِتِّينَ أَلْفًا، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى سِجِسْتَانَ وَجَدُوا ابْنَ الْأَشْعَثِ قَدْ دَخَلَ إِلَى عِنْدِ رُتْبِيلَ فَتَغَلَّبُوا عَلَى سِجِسْتَانَ، وَعَذَّبُوا عَامِلَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْبِعَارَ وَإِخْوَتَهُ وَقَرَائِبَهُ، وَاسْتَحْوَذُوا عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَانْتَشَرُوا فِي تِلْكَ الْبِلَادِ وَأَخَذُوهَا، ثُمَّ كَتَبُوا إِلَى ابْنِ الْأَشْعَثِ: أَنِ اخْرُجْ إِلَيْنَا حَتَّى نَكُونَ مَعَكَ; نَنْصُرُكَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُكَ، وَنَأْخُذُ بِلَادَ خُرَاسَانَ، فَإِنَّ بِهَا جُنْدًا عَظِيمًا مِنَّا، فَنَكُونُ بِهَا حَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ الْحَجَّاجَ أَوْ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَنَرَى بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْنَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ ابْنُ الْأَشْعَثِ، وَسَارَ بِهِمْ قَلِيلًا إِلَى نَحْوِ خُرَاسَانَ، فَاعْتَزَلَهُ شِرْذِمَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، فَقَامَ فِيهِمُ ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>