الْأَشْعَثِ خَطِيبًا، فَذَكَرَ غَدْرَهُمْ وَنُكُولَهُمْ عَنِ الْحَرْبِ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِكُمْ، وَأَنَا ذَاهِبٌ إِلَى صَاحِبِي رُتْبِيلَ فَأَكُونُ عِنْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَبَقِيَ مُعْظَمُ الْجَيْشِ، فَلَمَّا انْفَصَلَ عَنْهُمُ ابْنُ الْأَشْعَثِ بَايَعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ الْهَاشِمِيَّ، وَسَارُوا مَعَهُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ أَمِيرُهَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ ; لِيَمْنَعَهُمْ مِنْ دُخُولِ بِلَادِهِ، وَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: إِنَّ فِي الْبِلَادِ مُتَّسَعًا، فَاذْهَبْ إِلَى أَرْضٍ لَيْسَ بِهَا سُلْطَانٌ، فَإِنِّي أَكْرَهُ قِتَالَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مَالًا بَعَثْتُ إِلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ: إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا جِئْنَا نَسْتَرِيحُ وَنُرِيحُ خَيْلَنَا، ثُمَّ نَذْهَبُ، وَلَيْسَتْ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى حَاجَةٍ مِمَّا عَرَضْتَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أَخْذِ الْخَرَاجِ مِمَّا حَوْلُهُ مِنَ الْبِلَادِ مِنْ كُورِ خُرَاسَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَمَعَهُ أَخُوهُ الْمُفَضَّلُ فِي جُيُوشٍ كَثِيفَةٍ، فَلَمَّا صَادَفُوهُمُ اقْتَتَلُوا غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ انْهَزَمَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَلَ يَزِيدُ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَسَرَ مِنْهُمْ أَسْرَى كَثِيرَةً، وَاحْتَازَ مَا فِي مُعَسْكَرِهِمْ، وَبَعَثَ بِالْأُسَارَى - وَفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ - إِلَى الْحَجَّاجِ، وَيُقَالُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ: أَسْأَلُكَ بِدَعْوَةِ أَبِي لِأَبِيكَ لَمَا أَطْلَقْتَنِي. فَأَطْلَقَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: وَلِهَذَا الْكَلَامِ خَبَرٌ فِيهِ طُولٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute