الْكُوفِيُّ، الشَّاعِرُ، أَحَدُ الْفُصَحَاءِ الْبُلَغَاءِ الْمَشْهُورِينَ، وَقَدْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ فِي مُبْتَدَئِهِ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الشِّعْرِ فَعُرِفَ بِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - وَهُوَ أَمِيرٌ بِحِمْصَ - فَامْتَدَحَهُ، وَكَانَ مَحْصُولُهُ فِي رِحْلَتِهِ إِلَيْهِ مِنْهُ وَمِنْ جُنْدِ حِمْصَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ الشَّعْبِيِّ، كَمَا أَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ زَوْجَ أُخْتِهِ أَيْضًا، وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ كَمَا ذَكَرْنَا، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ وَهُوَ مُوَاقِفٌ لِابْنِ الْأَشْعَثِ بَعَثَ كَمِينًا يَأْتُونَ جَيْشَ ابْنِ الْأَشْعَثِ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ تَوَاقَفَ الْحَجَّاجُ وَابْنُ الْأَشْعَثِ، وَهَرَبَ الْحَجَّاجُ بِمَنْ مَعَهُ، وَتَرَكَ مُعَسْكَرَهُ، فَجَاءَ ابْنُ الْأَشْعَثِ فَاحْتَازَ مَا فِي الْمُعَسْكَرِ، وَبَاتَ فِيهِ، فَجَاءَتِ السَّرِيَّةُ إِلَيْهِمْ لَيْلًا، وَقَدْ وَضَعُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَمَالُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً، وَرَجَعَ الْحَجَّاجُ بِأَصْحَابِهِ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْأَشْعَثِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَغَرِقَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ فَقَتَلَ مَنْ وَجَدَهُ فِيهِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ، مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ وَالْأَعْيَانِ، وَاحْتَازُوهُ بِكَمَالِهِ، وَانْطَلَقَ ابْنُ الْأَشْعَثِ هَارِبًا فِي ثَلَاثمِائَةٍ، فَرَكِبُوا دُجَيْلًا فِي السُّفُنِ، وَعَقَرُوا دَوَابَّهُمْ، وَجَازَوْا إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ سَارُوا مِنْ هُنَالِكَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مِنْ دُخُولِهِمْ بِلَادَ رُتْبِيلَ مَا كَانَ، ثُمَّ شَرَعَ الْحَجَّاجُ فِي تَتَبُّعِ أَصْحَابِ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَتَلَهُمْ مَثْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute