للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي دُونِ مَا عَايَنْتَ مِنْ فَجَعَاتِهَا ... إِلَى رَفْضِهَا دَاعٍ وَبِالزُّهْدِ آمِرُ

فَجِدَّ وَلَا تَغْفُلْ فَعَيْشُكَ زَائِلٌ ... وَأَنْتَ إِلَى دَارِ الْإِقَامَةِ صَائِرُ

وَلَا

تَطْلُبِ الدُّنْيَا فَإِنَّ طِلَابَهَا

وَإِنْ نِلْتَ مِنْهَا غُبَّةً لَكَ ضَائِرُ

فَهَلْ يَحْرِصُ عَلَيْهَا لَبِيبٌ، أَوْ يُسَرُّ بِهَا أَرِيبٌ؟ وَهُوَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ فَنَائِهَا، وَغَيْرُ طَامِعٍ فِي بَقَائِهَا، أَمْ كَيْفَ تَنَامُ عَيْنَا مَنْ يَخْشَى الْبَيَاتَ، وَتَسْكُنُ نَفْسُ مَنْ يَتَوَقَّعُ الْمَمَاتَ.

أَلَا لَا وَلَكِنَّا نَغُرُّ نُفُوسَنَا ... وَتَشْغَلُنَا اللَّذَّاتُ عَمَّا نُحَاذِرُ

وَكَيْفَ يَلَذُّ الْعَيْشَ مَنْ هُوَ مُوقِنٌ ... بِمَوْقِفِ عَدْلٍ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ

كَأَنَّا نَرَى أَنْ لَا نُشُورَ وَأَنَّنَا ... سُدًى مَا لَنَا بَعْدَ الْمَمَاتِ مَصَائِرُ

وَمَا عَسَى أَنْ يَنَالَ صَاحِبُ الدُّنْيَا مِنْ لَذَّتِهَا، وَيَتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ بَهْجَتِهَا، مَعَ صُنُوفِ عَجَائِبِهَا وَكَثْرَةِ تَعَبِهِ فِي طَلَبِهَا، وَمَا يُكَابِدُ مِنْ أَسْقَامِهَا وَأَوْصَابِهَا وَآلَامِهَا؟

أَمَا قَدْ تَرَى فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... يَرُوحُ عَلَيْنَا صَرْفُهَا وَيُبَاكِرُ

؟

تُعَاوِرُنَا آفَاتُهَا وَهُمُومُهَا

وَكَمْ قَدْ تُرَى يَبْقَى لَهَا الْمُتَعَاوِرُ ... فَلَا هُوَ مَغْبُوطٌ بِدُنْيَاهُ آمِنٌ

وَلَا هُوَ عَنْ تَطْلَابِهَا النَّفْسَ قَاصِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>