الْكَلَامِ؟ خِبْتَ وَضَلَّ سَعْيُكَ. فَقَالَ لِلْحَرَسِ: خُذُوهُ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ لَهُ: مَا الَّذِي جَرَّأَكَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ أَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ وَلَا أَجْتَرِئُ أَنَا عَلَيْكَ! وَمَنْ أَنْتَ حَتَّى لَا أَجْتَرِئَ عَلَيْكَ، وَأَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ. فَأُطْلِقَ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِأَسِيرَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّ لِي عِنْدَكَ يَدًا. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: ذَكَرَ ابْنُ الْأَشْعَثِ يَوْمًا أُمَّكَ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ قَالَ: صَاحِبِي هَذَا. فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ؟ قَالَ: بُغْضُكَ. قَالَ: أَطْلِقُوا هَذَا لِصِدْقِهِ، وَهَذَا لِفِعْلِهِ، فَأَطْلَقُوهُمَا.
وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْحَجَّاجَ نَادَى فِي الْبَلَدِ; أَنَّ مَنْ خَرَجَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ مِنْ بَيْتِهِ قُتِلَ، فَأُتِيَ لَيْلَةً بِرَجُلٍ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ مِنْ بَيْتِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ مِنْ بَعْدِ مَا سَمِعْتَ الْمُنَادِيَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَكْذِبُ الْأَمِيرَ، إِنَّ أُمِّي مَرِيضَةٌ هَالِكَةٌ، وَأَنَا عِنْدَهَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ السَّاعَةُ أَفَاقَتْ، وَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ إِلَّا مَضَيْتَ إِلَى أَهْلِكَ وَأَوْلَادِكَ، فَإِنَّهُمْ مَغْمُومُونَ بِتَخَلُّفِكَ عَنْهُمْ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، فَأَخَذَنِي الْعَسَسُ وَأَتَوْا بِي إِلَيْكَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: نَنْهَاكُمْ وَتَعْصُونَنَا. ثُمَّ أَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ بِآخَرَ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَكْذِبُكَ، إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute