لِرَجُلٍ دَرَاهِمُ فَأَقْعَدَنِي عَلَى بَابِهِ وَلَزِمَنِي، وَقَالَ: لَا أُفَارِقُكَ إِلَّا بِحَقِّي. فَلَمَّا كَانَ هَذِهِ السَّاعَةُ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَتَرَكَنِي عَلَى بَابِهِ، فَجَاءَنِي طَائِفُكَ فَأَخَذَنِي إِلَيْكَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ. قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ بِآخَرَ، فَقَالَ لَهُ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَشْرَبُ مَعَ قَوْمٍ، فَلَمَّا سَكِرْتُ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ وَأَنَا لَا أَدْرِي، فَأَخَذُونِي إِلَيْكَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِرَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ: مَا أَرَاهُ إِلَّا صَادَقًا. ثُمَّ قَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ. فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ فِيمَا بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: جَحْدَرُ بْنُ مَالِكٍ. وَكَانَ فَاتِكًا بِأَرْضِ الْيَمَامَةِ، فَأَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى نَائِبِهَا يُؤَنِّبُهُ وَيَلُومُهُ عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِ، فَمَا زَالَ نَائِبُهَا فِي طَلَبِهِ حَتَّى أَسَرَهُ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا كُنْتَ تَصْنَعُهُ؟ فَقَالَ: جَرَاءَةُ الْجَنَانِ، وَجَفَاءُ السُّلْطَانِ، وَكَلْبُ الزَّمَانِ، وَلَوِ اخْتَبَرَنِي الْأَمِيرُ لَوَجَدَنِي مِنْ صَالِحِ الْأَعْوَانِ، وَبُهْمِ الْفُرْسَانِ، وَلَوَجَدَنِي مِنْ أَصْلَحِ رَعِيَّتِهِ، وَذَلِكَ أَنِّي مَا لَقِيتُ فَارِسًا قَطُّ إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِي مُقْتَدِرًا. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: إِنَّا قَاذِفُوكَ فِي حَائِرٍ فِيهِ أَسَدٌ عَاقِرٌ، فَإِنْ قَتَلَكَ كَفَانَا مُؤْنَتَكَ، وَإِنْ قَتَلْتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute