للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْتَ فَلَمْ تَشْتِمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ … بَرِيًّا وَلَمْ تَقْبَلْ إِشَارَةَ مُجْرِمِ

وَصَدَّقْتَ بِالْفِعْلِ الْمَقَالَ مَعَ الَّذِي … أَتَيْتَ فَأَمْسَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمِ

أَلَا إِنَّمَا يَكْفِي الْفَتَى بَعْدَ زَيْغِهِ … مِنَ الْأَوَدِ الْبَادِي ثِقَافُ الْمُقَوِّمِ

وَقَدْ لَبِسَتْ تَسْعَى إِلَيْكَ ثِيَابُهَا … تَرَاءَى لَكَ الدُّنْيَا بِكَفٍّ وَمِعْصَمِ

وَتُومِضُ أَحْيَانًا بِعَيْنٍ مَرِيضَةٍ … وَتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الْجُمَانِ الْمُنَظَّمِ

فَأَعْرَضْتَ عَنْهَا مُشْمَئِزًّا كَأَنَّمَا … سَقَتْكَ مَدُوفًا مِنْ سِمَامٍ وَعَلْقَمِ

وَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَجْبَالِهَا فِي مُمَنَّعٍ … وَمِنْ بَحْرِهَا فِي مُزْبِدِ الْمَوْجِ مُفْعَمِ

وَمَا زِلْتَ تَوَّاقًا إِلَى كُلِّ غَايَةٍ … بَلَغْتَ بِهَا أَعْلَى الْبِنَاءِ الْمُقَدَّمِ

فَلَمَّا أَتَاكَ الْمَلِكُ عَفْوًا وَلَمْ تَكُنْ … لِطَالِبِ دُنْيَا بَعْدَهُ فِي تَكَلُّمِ

تَرَكْتَ الَّذِي يَفْنَى وَإِنْ كَانَ مُونِقًا … وَآثَرْتَ مَا يَبْقَى بِرَأْيِ مُصَمِّمِ

وَأَضْرَرْتَ بِالْفَانِي وَشَمَّرْتَ لِلَّذِي … أَمَامَكَ فِي يَوْمٍ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِمِ

وَمَا لَكَ إِذْ كُنْتَ الْخَلِيفَةَ مَانِعٌ … سِوَى اللَّهِ مِنْ مَالِ رَغِيبٍ وَلَا دَمِ

سَمَا لَكَ هَمٌّ فِي الْفُؤَادِ مُؤَرِّقٌ … بَلَغْتَ بِهِ أَعْلَى الْمَعَالِي بِسُلَّمِ

فَمَا بَيْنَ شَرْقِ الْأَرْضِ وَالْغَرْبِ كُلِّهَا … مُنَادٍ يُنَادِي مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمِ

يَقُولُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ظَلَمْتَنِي … بِأَخْذِكَ دِينَارِي وَلَا أَخْذِ دِرْهَمِي

وَلَا بَسْطِ كَفٍّ لِامْرِئٍ غَيْرِ مُجْرِمٍ … وَلَا السَّفْكِ مِنْهُ ظَالِمًا مِلْءَ مِحْجَمِ

وَلَوْ يَسْتَطِيعُ الْمُسْلِمُونَ لَقَسَّمُوا … لَكَ الشَّطْرَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ غَيْرَ نُدَّمِ

فَعِشْتَ بِهَا مَا حَجَّ لِلَّهِ رَاكِبٌ … مُلَبٍّ مَطِيفٌ بِالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>