سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ، وَالسَّمْنُ كُلُّ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ، وَالْعَسَلُ كُلُّ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ.
وَلِهَذَا الْأَمْنِ وَالرُّخْصِ كَثُرَ سَاكِنُوهَا، وَعَظُمَ أَهْلُوهَا، حَتَّى كَانَ الْمَارُّ فِيهَا لَا يَكَادُ يَجْتَازُ فِي الْأَسْوَاقِ; لِكَثْرَةِ أَهْلِهَا. قَالَ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ وَقَدْ رَجَعَ مِنَ السُّوقِ: طَالَمَا طَرَدْتُ خَلْفَ الْأَرَانِبِ فِي هَذَا الْمَكَانِ.
وَذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، أَنَّ الْمَنْصُورَ جَلَسَ يَوْمًا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ وَعِنْدَهُ بَعْضُ رُسُلِ الرُّومِ، فَسَمِعَ ضَجَّةً عَظِيمَةً، ثُمَّ أُخْرَى، ثُمَّ أُخْرَى، فَقَالَ لِلرَّبِيعِ الْحَاجِبِ: مَا هَذَا؟ فَكَشَفَ فَإِذَا بَقَرَةٌ قَدْ نَفَرَتْ مِنْ جَازِرِهَا هَارِبَةً فِي الْأَسْوَاقِ، فَقَالَ الرُّومِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ بَنَيْتَ بِنَاءً لَمْ يَبْنِهِ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عُيُوبِ; بُعْدُهُ مِنَ الْمَاءِ، وَقُرْبُ الْأَسْوَاقِ مِنْهُ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ خُضْرَةٌ، وَالْعَيْنُ خَضِرَةٌ تُحِبُّ الْخُضْرَةَ. فَلَمْ يَرْفَعْ بِهَا الْمَنْصُورُ رَأْسًا، ثُمَّ أَمَرَ بِتَغْيِيرِ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَسَاقَ إِلَيْهِ الْمَاءَ، وَبَنَى عِنْدَهُ الْبَسَاتِينَ، وَحَوَّلَ الْأَسْوَاقَ مِنْ ثَمَّ إِلَى الْكَرْخِ.
قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: كَمُلَ بِنَاءُ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سِتِّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ حَوْلَ الْأَسْوَاقِ إِلَى بَابِ الْكَرْخِ وَبَابِ الشَّعِيرِ وَبَابِ الْمُحَوَّلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute