وَأَمَرَ بِتَوْسِعَةِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا. وَبَعْدَ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ شَرَعَ فِي بِنَاءِ قَصْرِهِ الْمُسَمَّى بِالْخُلْدِ، فَكَمُلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي، وَجَعَلَ أَمْرَ ذَلِكَ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الْوَضَّاحُ، فَبَنَى قَصْرَ الْوَضَّاحِ، وَبَنِي لِلْعَامَّةِ جَامِعًا لِصَلَاةِ الْجُمْعَةِ; لَا يَدْخُلُونَ إِلَى جَامِعِ مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ.
فَأَمَّا دَارُ الْخِلَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بِبَغْدَادَ فَإِنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، فَانْتَقَلَتْ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنَتِهِ بَوَرَانَ الَّتِي كَانَ تَزَوَّجَهَا الْمَأْمُونُ، فَطَلَبَهَا مِنْهَا الْمُعْتَضِدُ - وَقِيلَ: الْمُعْتَمِدُ - فَأَنْعَمَتْ لَهُ بِهَا، وَاسْتَنْظَرَتْهُ أَيَّامًا حَتَّى تَنْتَقِلَ مِنْهَا، ثُمَّ شَرَعَتْ فِي تَرْمِيمِهَا وَتَبْيِيضِهَا وَتَحْسِينِهَا، ثُمَّ فَرَشَتْهَا بِأَنْوَاعِ الْفُرُشِ، وَعَلَّقَتْ فِيهَا أَنْوَاعَ السُّتُورِ، وَأَرْصَدَتْ فِيهَا مَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ مِنَ الْجَوَارِي وَالْخَدَمِ، بِأَنْوَاعِ الْمَلَابِسِ، وَجَعَلَتْ فِي الْخَزَائِنِ مَا يَنْبَغِي مِنْ أَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ وَالْمَآكِلِ، ثُمَّ بَعَثَتْ بِمَفَاتِيحِهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَجَدَ فِيهَا مَا أَرْصَدَتْهُ بِهَا، فَهَالَهُ ذَلِكَ وَاسْتَعْظَمَهُ جِدًّا، فَكَانَ أَوَّلَ خَلِيفَةٍ سَكَنَهَا، وَبَنَى عَلَيْهَا سُورًا. ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ.
وَأَمَّا التَّاجُ فَبَنَاهُ الْمُكْتَفِي عَلَى دِجْلَةَ، وَحَوْلَهُ الْقِبَابُ وَالْمَجَالِسُ وَالْمَيْدَانُ وَالثُّرَيَّا وَحَيْرُ الْوُحُوشِ.
وَذَكَرَ الْخَطِيبُ صِفَةَ دَارِ الشَّجَرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ الْمُقْتَدِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute