وَفِيهَا خَرَجَتِ الْخَوَارِجُ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسُونَ أَلْفًا، مَا بَيْنَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، وَعَلَيْهِمْ أَبُو حَاتِمٍ الْإِبَاضِيُّ، وَأَبُو عَادٍ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِمْ أَبُو قُرَّةَ الصُّفْرِيُّ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَاتَلُوا نَائِبَ إِفْرِيقِيَّةَ، فَهَزَمُوا جَيْشَهُ وَقَتَلُوهُ، وَهُوَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ ابْنِ أَبِي صُفْرَةَ الَّذِي كَانَ نَائِبَ السِّنْدِ فَعَزَلَهُ الْمَنْصُورُ عَنْهَا بِسَبَبِ مُبَايَعَتِهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَوَلَّاهُ هَذِهِ الْبِلَادَ فَقَتَلَتْهُ الْخَوَارِجُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَكْثَرَتِ الْخَوَارِجُ الْفَسَادَ فِي الْبِلَادِ، وَقَتَلُوا الْحَرِيمَ وَالْأَوْلَادَ، وَآذَوْا عَامَّةَ الْعِبَادِ.
وَفِيهَا أَلْزَمَ الْمَنْصُورُ النَّاسَ بِلَبْسِ قَلَانِسَ سُودٍ طِوَالٍ جِدًّا، حَتَّى كَانُوا يَسْتَعِينُونَ عَلَى رَفْعِهَا مِنْ دَاخِلِهَا بِالْقَصَبِ، فَقَالَ أَبُو دُلَامَةَ الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ:
وَكُنَّا نُرَجِّي مِنْ إِمَامٍ زِيَادَةً ... فَزَادَ الْإِمَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَلَانِسِ
تَرَاهَا عَلَى هَامِ الرِّجَالِ كَأَنَّهَا ... دِنَانُ يَهُودٍ جُلِّلَتْ بِالْبَرَانِسِ
وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ مَعْيُوفُ بْنُ يَحْيَى الْحُجُورِيُّ، فَأَسَرَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الرُّومِ مَا يُنَيِّفُ عَلَى سِتَّةِ آلَافِ أَسِيرٍ، وَغَنِمَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمَهْدِيُّ ابْنُ الْمَنْصُورِ. وَكَانَ عَلَى نِيَابَةِ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ،، وَعَلَى الْكُوفَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلَى الْبَصْرَةِ يَزِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلَى مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute