للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِبَرِ السِّنِّ؟ فَقِيلَ لَهُ: ذُرِّيَّةٌ تَكُونُ بَعْدَكَ يَدْعُونَ لَكَ. قَالَ: وَذَاكَ. وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ بَلَغَهُ فِي مَرَضِهِ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ كَرِهَ الْأَنِينَ فِي الْمَرَضِ، فَتَرَكَ الْأَنِينَ فَلَمْ يَئِنَّ حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِي صَبِيحَتِهَا، وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَأَنَّ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَيُرْوَى عَنْ صَالِحٍ وَقَدْ يَكُونُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَعَلَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: لَا بَعْدُ، لَا بَعْدُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، مَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ الَّتِي لَهَجْتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ إِبْلِيسَ وَاقِفٌ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ، وَهُوَ عَاضٌّ عَلَى أُصْبُعِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: فُتَّنِي يَا أَحْمَدُ؟ فَأَقُولُ: لَا بَعْدُ لَا بَعْدُ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ حَتَّى تَخْرُجَ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ عَلَى التَّوْحِيدِ، كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، قَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ، وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ مَا أَزَالُ أُغْوِيهِمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ. فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَلَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>