للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُفِعَ يَوْمًا إِلَى الْمُعْتَضِدِ أَنَّ قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَاسْتَشَارَ وَزِيرَهُ فِي أَمْرِهِمْ، فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُصْلَبَ بَعْضُهُمْ وَيُحْرَقَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: وَيْحَكَ لَقَدْ بَرَّدْتَ لَهَبَ غَضَبِي عَلَيْهِمْ بِقَسْوَتِكَ هَذِهِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّعِيَّةَ وَدِيعَةُ اللَّهِ عِنْدَ سُلْطَانِهَا وَأَنَّهُ سَائِلُهُ عَنْهَا، وَلَمْ يُقَابِلْهُمْ بِمَا قَالَ الْوَزِيرُ فِيهِمْ.

وَلِهَذِهِ النِّيَّةِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ صِفْرًا مِنَ الْمَالِ وَكَانَتِ الْأَحْوَالُ فَاسِدَةً وَالْأَعْرَابُ تَعِيثُ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فِي كُلِّ جِهَةٍ فَلَمْ يَزَلْ بِرَأْيِهِ وَتَسْدِيدِهِ حَتَّى كَثُرَتِ الْأَمْوَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَصَلَحَتِ الْأَحْوَالُ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَالْآفَاقِ وَالْمَحَالِّ.

وَمِنْ شِعْرِهِ فِي جَارِيَةٍ لَهُ تُوُفِّيَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وَجْدًا عَظِيمًا، فَقَالَ:

يَا حَبِيبًا لَمْ يَكُنْ يَعْـ … ــــدِلُهُ عِنْدِي حَبِيبُ

أَنْتَ عَنْ عَيْنِي بَعِيدٌ … وَمِنَ الْقَلْبِ قَرِيبُ

لَيْسَ لِي بَعْدَكَ فِي شَيْ … ءٍ مِنَ اللَّهْوِ نَصِيبُ

لَكَ مِنْ قَلْبِي عَلَى قَلْبِي … وَإِنْ بِنْتَ رَقِيبُ

وَحَيَاتِي مِنْكَ مُذْ غِبْ … تَ خَيَالٌ مَا يَغِيبُ

لَوْ تَرَانِي كَيْفَ لِي بَعْ … دَكَ عَوْلٌ وَنَحِيبُ

وَفُؤَادِي حَشْوُهُ مِنْ … حَرْقِ الْحُزْنِ لَهِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>