للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْبَارِيِّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، كَيْفَ أَنَّهُ عُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي دَارِ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَأَنَّهُ ضُرِبَ حَتَّى رَجَعَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ الَّتِي أَنْكَرَهَا الْقُرَّاءُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ عَلَيْهِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ مِنْهَا، وَقَدْ دَعَا ابْنُ شَنَبُوذَ عَلَى ابْنِ مُقْلَةَ حِينَ أَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَلَمْ يُفْلِحِ ابْنُ مُقْلَةَ بَعْدَهَا.

ابْنُ مُقْلَةَ الْوَزِيرُ أَحَدُ الْكُتَّابِ الْمَشَاهِيرِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَلِيٍّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مُقْلَةَ الْوَزِيرِ

وَقَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ عُمْرِهِ ضَعِيفَ الْحَالِ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ وَلِيَ الْوِزَارَةَ لِثَلَاثَةٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَهُمُ الْمُقْتَدِرُ، وَالْقَاهِرُ، وَالرَّاضِي، وَعُزِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقُطِعَتْ يَدُهُ وَلِسَانُهُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَحُبِسَ، فَكَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَأَسْنَانِهِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى بَعْدَ قَطْعِهَا، كَمَا كَانَ يَكْتُبُ وَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ كَانَ خَطُّهُ مِنْ أَقْوَى الْخُطُوطِ، كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُ، وَقَدْ بَنَى لَهُ دَارًا فِي زَمَانِ وِزَارَتِهِ، فَجَمَعَ عِنْدَ بِنَائِهَا خَلْقًا مِنَ الْمُنَجِّمِينَ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ تُبْنَى فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ، فَأَسَّسَ جُدْرَانَهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، كَمَا أَشَارُوا، فَمَا لَبِثَ بَعْدَ اسْتِتْمَامِهَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى خُرِّبَتْ وَصَارَتْ كَوْمًا، كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَذَكَرْنَا مَا كَتَبُوا عَلَى جُدْرَانِهَا، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>