وَلَقَدْ حُطْتُ مَا اسْتَطَعْتُ بِجَهْدِي ... حِفْظَ أَرْوَاحِهِمْ فَمَا حَفَظُونِي
لَيْسَ بَعْدَ الْيَمِينِ لَذَّةُ عَيْشٍ ... يَا حَيَاتِي بَانَتْ يَمِينِي فَبِينِي
وَكَانَ يَبْكِي عَلَى يَدِهِ كَثِيرًا، وَيَقُولُ: بَعْدَمَا خَدَمْتُ بِهَا ثَلَاثَةً مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَكَتَبْتُ بِهَا الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ، تُقْطَعُ كَمَا تُقْطَعُ أَيْدِيَ اللُّصُوصِ! ثُمَّ يُنْشِدُ:
إِذَا مَا مَاتَ بَعْضُكَ فَابْكِ بَعْضًا ... فَإِنَّ الْبَعْضَ مِنْ بَعْضٍ قَرِيبُ
وَقَدْ مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَحْبِسِهِ هَذَا، وَدُفِنَ فِي دَارِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ سَأَلَ وَلَدَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَنْ يُحَوَّلَ فَأُجِيبَ، فَنَبَشُوهُ وَدَفَنَهُ وَلَدُهُ عِنْدَهُ فِي دَارِهِ، ثُمَّ سَأَلَتْ زَوْجَتُهُ الْمَعْرُوفَةُ بِالدِّينَارِيَّةِ أَنْ يُدْفَنَ فِي دَارِهَا، فَنُبِشَ وَدُفِنَ عِنْدَهَا، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ أَيْضًا. مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ سِتٌّ وَخَمْسُونَ سَنَةً.
أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بَيَانِ بْنِ سَمَاعَةَ بْنِ فَرْوَةَ بْنِ قَطَنِ بْنِ دِعَامَةَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ
صَاحِبُ كِتَابِ " الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ، وَكَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ فِي اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. سَمِعَ الْكَدِيمِيَّ وَإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَثَعْلَبًا وَغَيْرَهُمْ، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا أَدِيبًا، دَيِّنًا فَاضِلًا، مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالنَّحْوِ وَالْأَدَبِ وَأَكْثَرِهِمْ حِفْظًا لَهُ، وَكَانَتْ لَهُ مِنَ الْمَحَافِيظِ مُجَلَّدَاتٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute