للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ادَّعَاهُ، وَأَنَّهُ قَدْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَطْلَقَ سَرَاحَهُ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا ذُكِّرَ بِهَذَا يَجْحَدُهُ إِنْ أَمْكَنَهُ جَحْدُهُ وَإِلَّا اعْتَذَرَ مِنْهُ وَاسْتَحْيَا، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِلَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ فِيمَا كَانَ ادَّعَاهُ مِنَ الْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ، وَهِيَ لَفْظَةُ «الْمُتَنَبِّي» الدَّالَّةُ عَلَى الْكَذِبِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَهْجُوهُ:

أَيُّ فَضْلٍ لِشَاعِرٍ يَطْلُبُ الْفَضْ … لَ مِنَ النَّاسِ بُكْرَةً وَعَشِيَّا

عَاشَ حِينًا يَبِيعُ فِي الْكُوفَةِ الْمَا … ءَ وَحِينًا يَبِيعُ مَاءَ الْمُحَيَّا

وَلِلْمُتَنَبِّي دِيوَانٌ مَشْهُورٌ فِي الشِّعْرِ، فِيهِ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ وَمَعَانٍ لَيْسَتْ بِمَسْبُوقَةٍ، بَلْ مُبْتَكَرَةٌ سَابِقَةٌ، وَهُوَ فِي الشُّعَرَاءِ الْمُحْدَثِينَ كَامْرِئِ الْقَيْسِ فِي الشُّعَرَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ - وَهُوَ عِنْدِي بِخَطِّ يَدِهِ - فِيمَا ذَكَرَ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، مَعَ تَقَدُّمِ أَمْرِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي «مُنْتَظَمِهِ» قِطَعًا رَائِقَةً اسْتَحْسَنَهَا مِنْ دِيوَانِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ شَيْخُ إِقْلِيمِهِ وَحَافِظُ زَمَانِهِ.

فَمِمَّا اسْتَمْلَحَهُ أُسْتَاذُ الْوُعَّاظِ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ قَوْلُ الْمُتَنَبِّي:

عَزِيزُ أَسًى مَنْ دَاؤُهُ الْحَدَقُ النُّجْلُ … عَيَاءٌ بِهِ مَاتَ الْمُحِبُّونَ مِنْ قَبْلُ

فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْظُرْ إِلَيَّ فَمَنْظَرِي … نَذِيرٌ إِلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْهَوَى سَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>