لِلنَّاسِ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ مِنْ حِينِ نَشَأَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا مِنْ أَمْوَالِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَلَكِنْ يُخَالِطُ السُّلْطَانَ، وَهُوَ تَائِبٌ مِمَّا مَارَسَهُ مِنْ شُئُونِهِ، وَاتَّخَذَ بَيْتًا فِي دَارِهِ سَمَّاهُ بَيْتَ التَّوْبَةِ، وَوَضَعَ الْعُلَمَاءُ خُطُوطَهُمْ بِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ، وَحِينَ حَدَّثَ اسْتَمْلَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ لِكَثْرَةِ مَجْلِسِهِ، فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَكْتُبُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الطَّلَبَةِ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ الْهَمَذَانِيُّ، وَمَنْ شَابَهَهُ مِنْ رُءُوسِ الْفُضَلَاءِ وَسَادَاتِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ.
وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ قَاضِي قَزْوِينَ بِهَدِيَّةٍ ; كُتُبٍ كَثِيرَةٍ، وَكَتَبَ مَعَهَا:
الْعُمَيْرِيُّ عَبْدُ كَافِي الْكُفَاةِ ... وَإِنِ اعْتَلَّ فِي وُجُوهِ الْقُضَاةِ
خَدَمَ الْمَجْلِسَ الرَّفِيعَ بَكُتْبٍ ... مُفْعَمَاتٍ مِنْ حُسْنِهَا مُتْرَعَاتِ
فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَيْهِ أَخَذَ مِنْهَا كِتَابًا وَاحِدًا، وَرَدَّ بَاقِيَهَا، وَكَتَبَ تَحْتَ الْبَيْتَيْنِ:
قَدْ قَبِلْنَا مِنَ الْجَمِيعِ كِتَابًا ... وَرَدَدْنَا لِوَقْتِهَا الْبَاقِيَاتِ
لَسْتُ أَسْتَغْنِمُ الْكَثِيرَ وَطَبْعِي ... قَوْلُ خُذْ لَيْسَ مَذْهَبِي قَوْلَ هَاتِ
وَجَلَسَ الْوَزِيُرُ ابْنُ عَبَّادٍ مَرَّةً فِي مَجْلِسِ شَرَابٍ، فَنَاوَلَهُ السَّاقِي كَأْسًا، فَلَمَّا أَرَادَ شُرْبَهَا، قَالَ لَهُ بَعْضُ خُدَّامِهِ: يَا سَيِّدِي، إِنَّ هَذَا الَّذِي فِي يَدِكَ مَسْمُومٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute