للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فمَن نظر إلى أنَّ العقل يضطر إلى التصديق به، وأن اليقين يحصل به في حق مَن ليس له أهلية النظر، قال: إنَّه ضروري، ومَن نظر إلى افتقار المتواتر إلى مُقدِّمات، وإنْ كانت تلك المقدِّمات بدهيّة، قال: إنَّه نظري.
فهو - على التحقيق - خلاف صوري من هذه الناحية.
والعلم اليقيني يُؤخذ من التواتر بقسميه: العام والخاص؛ فهو ليس لازمًا للتواتر بالحدِّ الذي ذكره المصنف، قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (١٨/ ٥٠ - ٥١):
"كذلك العلم الحاصل عقيب الخبر؛ تارةً يكون لكثرة المخبرين، وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم - وإن كانوا كفارًا -، وتارةً يكون لدينهم وضبطهم، فرُبَّ رجلين أو ثلاثة يحصل من العلم بخبرهم ما لا يحصل بعشرة وعشرين لا يوثق بدينهم وضبطهم، وتارةً قد يحصل العلم بكون كل من المخبرين أخبر بمثل ما أخبر به الآخر - مع العلم بأنهما لم يتواطآ، وأنه يمتنع في العادة الاتفاق في مثل ذلك -، مثل مَن يروي حديثًا طويلًا فيه فصول ويرويه آخرُ لم يلقه.
وتارةً يحصل العلم بالخبر لمَن عنده الفطنة والذكاء والعلم بأحوال المخبرين وبما أخبروا به ما ليس لمَن له مثل ذلك، وتارة يحصل العلم بالخبر لكونه روى بحضرة جماعة كثيرة شاركوا المخبر في العلم ولم يكذبه أحدٌ منهم؛ فإنَّ الجماعة الكثيرة قد يمتنع تواطؤهم على الكتمان، كما يمتنع تواطؤهم على الكذب.
وإذا عُرفَ أنَّ العلم بأخبار المخبرين له أسباب غير مجرد العدد، عُلِمَ أنَّ مَن قيَّد العلم بعددٍ مُعين وسوَّى بين جميع الاخبار في ذلك؛ فقد غلط غلطًا عظيمًا.
ولهذا كان التواتر ينقسم إلى: عام، وخاص.
فأهل العلم بالحديث والفقه قد تواتر عندهم من السنة ما لم يتواتر عند العامة؛ كسجود السهو، ووجوب الشفعة، وحمل العاقلة العقل، ورجم الزاني المحصن، وأحاديث الرؤية، وعذاب القبر، والحوض والشفاعة، وأمثال ذلك.
وإذا كان الخبر قد تواتر عند قومٍ دون قوم، وقد يحصل العلم بصدقه لقوم =

<<  <   >  >>