للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يزول ضعفه بمجيئه من وجه آخر، بل ذلك على التفاوت، فإنْ كان ضَعفًا ناشئًا من ضَعف حَفظِ راويه مع كَونه عَدلًا، ثم جاء من وجهٍ آخرَ صحيحٍ يُعتبر، وكذا إنْ كان ضعفُه للإرسال وزالَ ذلك بمجيئه من وجهٍ آخر مسندًا أو مرسلًا، وأما إن كان ضعفهُ لتُهمةِ الرَّاوي بالفِسقِ أو الكَذِب، فلا ينجبرُ بمَجيئه من وجهٍ آخر.

[تعقب ابن الصلاح]:

قلت: هكذا أطلقه الشيخ تقي الدين، وفيه بحث (١)؛ لأنا لو حكمنا بضعف حديثٍ، لكَذِبِ راويه أو فِسْقهِ، ثم رأينا جاء ذلك الحديث بطريق آخر صحيح إلى منتهاه، فلا نحكم قطعًا بضعف الحديث، بل غاية ما في الباب أنّ يقال له: هذا ضعيف من هذا الوجه إذا روي بالطريق الأول، وذلك لأنَّ الحُكمَ بضعف الحديث، لضعف الإسناد إنما يمكن إذا كان شاذا من ذلك الطريق، نعم إذا كان الطريق الثاني فيه وهن أيضًا، فكثرة الطرق الضعيفة لا تفيد شيئًا، وكذلك قال بعضُهم في المرسل (٢)، والله أعلم.


= (١/ ٣٤٧ - ٤٥٠) للبيهقي، والخلاصة أنه صحيح موقوفًا، ضعيف مرفوعًا" فما من طريق من طرقه إلا وهي معلولة، والله أعلم.
(١) معنى كلامه: إذا ورد من طريق ليس فيه الفاسق أو الكاذب انجبر، ولم ينظر حينئذ إلى هذه العلّة، ولكن يبقى النظر مقصودًا على الطريق السالمة منه، وكلام الشيخ ابن الصلاح يقضي أنه لا ينجبر، ولكن هذا متعقب بأن الطريق التي فيها الكذاب أو الفاسق هي التي لا تنجبر، إذ ضعفها شديد، فهي كالعدم، لا تُشدّ بها اليد، والكذاب يروي على الجادة ليسؤق كذبه، فالباب مغلق دونه، وهذا لا دخل له بالحكم على الحديث الذي ليس له فيه ذكر، فثبوته من وجه آخر لا ينازع فيه، فافهم.
(٢) ضعف المرسل ليس بشديد، ولذا يقوّى بسندٍ ضعيف مثله بخلاف الشذوذ، فهو وهم طرأ على الراوي، ولا حقيقة له في الخارج!

<<  <   >  >>