للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسقاط ما تقدَّم من حديثه" (١).

قال الشيخ محيي الدين: "وكلُّ هذا مخالِفٌ لقاعدة مذهبنا، ومذهب غيرنا، ولا يقوِّي الفرق بين الشهادة والرواية" (٢).

قلتُ: فيه بحثٌ، إذ لا نُسلِّم أنه مخالفٌ لمذهبِنا ومذهبِ غيرنا، فإن في مذهبنا مَن رَددنا شهادتَه بسبب الفِسْقِ، أو بسبب العداوة أو السّيادة (٣) في قضية، ثم زال الفِسْقُ، وتاب، وصلح، أو زالت العداوة، أو السِّيادة، فلا تقبل شهادة هؤلاء في تلك القضية أبدًا، وإِن مذهب غيرنا كمذهب أبي حنيفة الإمام: إذا تاب قاذفُ المحصَن لا تُقبل شهادتهُ أَبدًا (٤)، فكذا فيما نحن فيه، فإنَّ الحديثَ كقضيةٍ واحدة، فمن


(١) هذا الافتراق من حيث الثمرة، وأما من حيث الماهية فتقدم (ص ٢٦٢ - ٢٦٣)، وفي هذه الثمرة نزاع يأتي تقرير خلافه.
(٢) التقريب (١/ ٥٥٣ - مع "التدريب" / ط طارق)، "الإرشاد" (١/ ٣٠٧)، وقال في "شرح مقدمة صحيح مسلم" (١/ ٧٠): "المختار القطع بصحة توبته في هذا، وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها المعروفة، كالكافر إذا أسلم". وهذا الذي جزم به المحققون، ولا سيما في حق الفاسق، فإن تحمُّل الكافر يصح إذا أدّاه بعد إسلامه، وكذا الفاسق من باب أولى إذا أدَّاه بعد توبته وثبوت عدالته، وتجد في كتاب "التوابين" لابن قدامة طائفة من الذين تابوا من أئمة المحدثين، منهم: عبد الله بن مسلمة القعنبي، انظر قصته فيه (ص ٢١٩) وقارنها بما في "رحلة العبدري" (١١٠).
وانظر: "اليواقيت والدرر" (٢/ ١٦٠).
(٣) العداوة أو السيادة، غير واضحة في الأصل، والسياق الآتي يدلّ عليها، وهي هكذا بالحرف في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" لمُغُلْطاي (ق ٣٢/ أ) مع سائر ما قبله وبعده! ولم يشر للتِّبريزي! ولا للنقل منه! وقد أغلظ على ابن الصلاح لما فعل ذلك مع الحاكم! عفى الله عن الجميع، وغفر لهم.
(٤) انظر مذهبهم في: "مختصر الطحاوي" (٣٣٢)، "مختصر القدوري" =

<<  <   >  >>