على أَنَّا نعلمُ يقينًا أنَّه لم يقصد إلى إثبات الصحيح وتخريجه، والاحتياط فيه مثل البخاري ومسلم، وهذا الطريق هو الغاية في إثبات الصحيح، فمن يكون أجدَرَ من البخاري ومسلم؟ على أنَّهما إن كانا قد أخرجاه كذلك، فإنهما لم يجعلا ذلك شرطًا لا يجوز قبولُ حديث لم يتصف به، وإنما فَعَلَا الأَحْوَطَ، ورامَا الأعلى والأشرفَ. وإن كان غرض الحاكم التأويل الثاني، فقد اندفع النَّقْضُ، وكُفينَا هذه الكُلْفَة". انتهى كلامه. قال أبو عبيدة: مفاد تأويل ابن الأثير - ولا سيما الثاني - أن مراد الحاكم أن يكون لكل راوٍ راويان، وليس مراده أنَّ كلّ حديث في الكتابين يشترط أن يرويه اثنان، ذلك ليخرج الراوي عن حد الجهالة، لا أن يتفقا على رواية ذلك الحديث بعينه. وهذا لم يرتضه ابن حجر في "النكت" (١/ ٣٦٧)، فقال بعد كلام: "لولا أنّ جماعة من المصنفين - كالمجد ابن الأثير في مقدمة "جامع الأصول" - تلقوا كلامه فيها بالقبودٍ لقلَّة اهتمامهم بمعرفة هذا الشأن، واسترواحهم إلى تقليد المتقدَّم دون البحث والنظر؛ لأعرضتُ عن تعقّب كلامه، … ". ثالثًا: لومه وتخطئته في كلامه في "المدخل"، وعلى رأس هؤلاء الحازمي، قال في "شروط الأئمة الستة" (ص ٣١): "هذا الذي قاله الحاكم قول مَنْ لم يمعن الغوص في خبايا "الصحيح"، ولو استقرأ الكتاب حق استقرائه، لوجد جملة من الكتاب ناقضة دعواه، ولو عكس القضيِّة كان أسلم". وهذا نقيض صنيع أصحاب القول الأول! وقرر نحو هذا السخاوي في "فتح المغيث" (١/ ٤٧) بعبارة ألين، معتبرًا كلامه الذي ساقه المصنف عنه في "المستدرك"، قال السخاوي: "وقد وجدتُ في كلام الحاكم التصريح باستثناء الصحابة من ذلك، وإن كان مناقضًا لكلامه الأول - يريد بالأول كلامه في "المدخل" -، ولعله رجع عنه إلى هذا، فقال: "الصحابي المعروف .. " إلخ ما ساقه المصنف هنا، =