رابعًا: يفهم من كلام السخاوي اعتبار الشرط المذكور إلَّا في الصحابة لشهرتهم، ولكونهم عدولًا، وهذا الذي جنح إليه شيخه ابن حجر، قال في "هدي الساري" (ص ٧): "وما ذكره الحاكم، وإن كان منتقضًا في حقّ بعض الصحابة الذين أخرج لهم، فإنه مُعتبر في حقّ مَنْ بعدهم، فليس في الكتاب حديث أصل من رواية من ليس له إلَّا راوٍ واحد قط"، وصرح به في "التهذيب" (٦/ ٢٥٢) في ترجمة (عبد الرَّحمن بن فروخ)، وقال السيوطي في "لقط الدرر" (ص ٧٣) عقب كلام الحاكم في "المدخل"،"ولا ينقض أيضًا ببعض الصحابة المشار إليهم". والخلاصة: إن مَنْ يجمعُ كلام الحاكم يجده معتبرًا، غيرَ متناقِضٍ، إذ وسع الاشتراط في حق الرواة لا الرواية، واستثنى من ذلك بعض الصحابة، ومشاهير التابعين؛ وهذا هو المقرر عند الدارقطني في "الإلزامات" (ص ٩٧) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ١٠٥) وفي "رسالته إلى أبي محمد الجويني"، وصرح ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٥/ ٥١٤ - ٥١٥) أنه مذهب الدارقطني ولم يسفم بتفرد المذكورين آنفًا، فقال: "وإنما يعني بذلك في علمه"! فكأنهم ليسوا على الحد الذي ذكره، ويفهم أنه يقول به ضمنًا، فتأمّل. وانظر في تقرير المسألة: "النكت على مقدمة ابن الصلاح" للزركشي (١/ ٢٥٨)، "شروط الأئمة الستة" (١٧، ١٨)، "ما لا يسع المحدث جهله" (٩)، "تدريب الراوي" (١/ ١٢٦). و (المنفردات) في "الصحيحين" تحتاج إلى عناية، وللضياء المقدسي مصنف مفرد فيهم بعنوان "غرائب الصحاح" فيه قدر مئتي حديث، وأفاد ابن طاهر في "شروط الأئمة" ما قلناه، وزاد: "إلَّا أحرفًا تبيَّن أمرُها"، والتقعيد جملي غالبي، لا استغراقي، افحص تجد، والله الموفق لا رب سواه. وفي الأصل: "التناقض"! والصواب ما أثبتناه.