للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غيرِ حائلٍ، ولو كان الملموسُ ميِّتًا، أو عجُوزًا، أو مَحْرَمًا.

وأمَّا كونُ اللَّمس لا ينقضُ إلا إذا كان لشهوةٍ، فللجمعِ بين الآيةِ والأخبارِ؛ لأنَّه قد رُوي عن عائشةَ رضي الله تعالى عنها، أنها قالتْ: فقدْتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ليلةً من الفراشِ، فالتمسْتُه، فوقعتْ يدي على بطنِ قَدَمِه، وهو في المسجدِ، وهما منصوبتان. رواه مسلمٌ (١). ونصبُهما دليلٌ على أنَّه يصلِّي.

ورُوي عنها أيضًا أنَّها قالتْ: كنتُ أنامُ بينَ يدي رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قِبلتِه، فإذا سجدَ غمزَني، فقبضتُ رِجلي. متفقٌ عليه (٢). والظاهرُ: أنَّ غمزه رجليها كان من غير حائلٍ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُه. ولأنَّ اللَّمسَ ليس بحدَثٍ، وإنما هو داعٍ إليه، فاعتُبرتْ الحالُ التي تدعو فيها إليه، وهي حالُ الشهوةِ.

وقيسَ عليه مسُّ المرأةِ الرجلَ، ومتى لم ينقضْ مسُّ أنثى، استحبَّ الوضوءُ، نصًّا.

(من غيرِ حائلٍ) متعلِّقٌ بـ"لمس". فإنْ كان بحائلٍ لم ينقضْ؛ لأنَّه لم يلمسِ البشرةَ، أشبَهَ لمسَ الثيابِ. والشهوةُ بمجردِها لا توجبُ الوضوءَ، كما لو وجدتْ من غيرِ لمسٍ.

(ولو كان الملموسُ ميتًا)؛ للعمومِ، وكما يجبُ الغُسلُ بوطءِ الميتِ، (أو) كان الملموسُ (عجوزًا أو مَحرَمًا) لعمومِ لفظِ الآيةِ. ولأنَّ ذلك معتبرٌ بوجودِ الشهوةِ، فإذا وجدتْ، فلا فرقَ بين كونِ الملموسِ مظنةَ الشهوةِ، أو لا.

وقال الشافعيُّ: لا نقضَ بلمسِ ذاتِ المحرمِ. وهو قولٌ عن الإمامِ، قدَّمه في "الرعاية الصغرى".


(١) أخرجه مسلم (٤٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٢)، ومسلم (٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>