للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن وَجَدَ ماءً لا يكِفي لطهارته، استعمَلَهُ فيما يَكفِي وجُوبًا، ثم تيمَّمَ.

وإنْ وصَلَ المسافرُ إلى الماءِ وقد ضَاقَ الوقتُ،

(ومن وجَد ماءً لا يكفي لطهارتِه، استعملَه فيما يكفي وجوبًا، ثمَّ تيممُ) لحديثِ: "إذا أمرتُكمْ بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعْتُمْ" (١). فإنْ تيمَّمَ قبلَ استعمالِه، لَمْ يصحَّ؛ لمفهومِ قولِه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النِّساء: ٤٣] وإنْ وجدَ ترابًا لا يكفيه، استعملَه وصلَّى، ويُعيدُ إذا وجدَ ما يكفيه من ماءٍ أو ترابٍ. قاله في "الرعاية". واقتصرَ عليه في "الإنصاف". قال الشيخُ منصورٌ في "شرحه" (٢): قلتُ: مقتضى ما يأتي: لا يزيدُ على ما يجزئُ، ولا إعادةَ.

وإن وجدَ جنبٌ ما يكفي أعضاءَ وضوئه فقط، استعملَه فيها ناويًا رفعَ الحدثيْنِ. ومَنْ ببدنِه نجاسةٌ، وهو محدثٌ، والماءُ يكفي أحدَهما، غسلَ به النجاسةَ، ثمَّ تيمَّمَ للحدثِ، نصًّا. قالَ المجدُ: إلا أنْ تكونَ النجاسةُ في محلِّ يصحُّ تطهيرُه من الحدثِ، فيستعملُه فيه عنهما. وكذا إنْ كانتْ النجاسةُ في ثوبِهِ أزالَها به، ثمَّ تيمَّمَ.

(وإنْ وصلَ المسافرُ إلى الماءِ وقد ضاقَ) حالٌ من فاعلِ "وصلَ" أي: وصلَ المسافرُ في حالِ ضيقِ (الوقت) عن الطهارةِ به، والصَّلاةِ في الوقتِ.

قال في "شرح المحرر": ويُفهمُ من قولِهِ: "إذا وصلَ مسافرٌ إلى الماءِ وقد ضاقَ الوقتُ": أنَّه صارَ عندَه بحيث تصلُ يدُه، ويمكنُه استعمالُه!

وليس كذلك، بلْ يُحملُ قولُه: أنَّه صارَ قريبًا، بحيثُ لو تمادَى حتى يصلَ إليه، خرج الوقت. فهو كمن عدِم الماءَ في الوقت، وتيقَّنَ وصولَه إليه في وقتِ صلاةٍ


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) "دقائق أولي النهى" (١/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>