للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل الكثيرُ عادةً من غَيرِ جِنسِهَا لغيرِ ضَرورَةٍ. والاستِنادُ قويًّا لغيرِ عُذرٍ. ورجوعُه -عالمًا ذاكرًا- للتشهُّدِ بعد الشُّرُوعِ في القراءةِ

(و) يبطِلُها (العملُ الكثيرُ عادةً) أي: ما يعدُّ أنَّه كثيرٌ عادةً، فلا يتقيدُ بثلاثٍ، ولا غيرِها من العددِ، بل ما عُدَّ في العادةِ كثيرًا، بخلافِ ما يشبِهُ فعلَه - صلى الله عليه وسلم - في فتحِه البابَ لعائشةَ (١). وتأخُّرهِ في صلاةِ الكسوفِ (٢). وفعلِ أبي برزةَ لمَّا نازعتْه دابَّتُه (٣). فهذا لا يبطِلُها.

(من غيرِ جنسِها) أي: الصَّلاةِ؛ كلفِّ عمامةٍ، ولبسٍ، ومشيٍ. يبطِلُها (لغيرِ ضرورةٍ) كخوفٍ، وهربٍ من عدو، ونحوِه كسيلٍ وحريقٍ وسبعٍ. فإنْ كانتْ ضرورةً، لم تبطلْ. وعدَّ ابنُ الجوزيِّ من الضرورةِ مَن به حكٌّ لا يصبرُ عنه. وكذا إنْ كان يسيرًا، أو لمْ يتوالَ، ولو كثُرَ (٤).

(و) يبطلُها (الاستنادُ قويًا لغيرِ عذرٍ) من نحوِ مرضٍ وكِبَرٍ.

(و) يبطلُها (رجوعُه، عالمًا، ذاكرًا) فلا تبطلُ برجوعِه إذنْ إنْ نسيَ، أو جهِلَ؛ لحديثِ: "عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيانِ" (٥). (للتشهدِ بعد الشروعِ في القراءةِ) لأنَّه شرعَ في ركنٍ مقصودٍ، وهو القراءةُ، فلمْ يجزْ له الرجوعُ، كما لو شرعَ في


(١) أخرجه الترمذي (٦٠١) من حديث عائشة. وحسنه الألباني.
(٢) أخرجه مسلم (٩٠٤) من حديث جابر.
(٣) أخرجه البخاري (١٢١١).
(٤) انظر "دقائق أولي النهى" (١/ ٤٥٧).
(٥) أخرجه ابن حبان (٧٢١٩)، والطبراني (١١٢٧٤)، والبيهقي ٧/ ٣٥٦ من حديث ابن عباس بلفظ: "إن اللَّه تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وأخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥) بلفظ: "إن اللَّه وضع … ". وصححه الألباني في "الإرواء" (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>