للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجلِسونَ خلفَه، وتصِحُّ قيامًا.

(ويجلسون) أي: المأمومون، ولو مع قدرتِهم على القيامِ (خلفَه) لحديثِ عائشةَ: صلَّى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالسًا، وصلَّى وراءَه قومٌ قيامًا، فأشارَ إليهم: أن اجلسوا. فلما انصرفَ قال: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به" إلى أن قال: "وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعون". متفقٌ عليه (١). (وتصحُّ قيامًا) لأنَّ القيامَ هو الأصلُ، ولم يأمرْ عليه السَّلام مَنْ صلَّى خلفَه قائمًا بالإعادةِ (٢).

وقال القاضي عياض: صحةُ صلاتهمِ خلفَه جُلوسًا، استحسانٌ. والقياسُ: لا تَصحُّ؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- صلَّى في مرضِ موتِه قاعدًا، وصلَّى أبو بكرٍ والنَّاسُ خلفَه قيامًا. متفقٌ عليه (٣) من حديثِ عائشةَ. وأجابَ أحمدُ عنه: بأنَّه لا حجَّةَ فيه؛ لأنَّ أبا بكرٍ ابتدأَ بهم الصَّلاةَ قائمًا، فوجبَ أنْ يُتمُّوها كذلك. والجمعُ أَوْلى من النسخِ. ثمَّ يحتملُ أنَّ أبا بكرٍ كان هو الإمامُ. قال ابنُ المنذرِ: وقدْ رُويَ عن عائشةَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى في مرضِه خلفَ أي بكرٍ في ثوبٍ متوشِّحًا به (٤). ورواه أنسٌ أيضًا (٥)، وصحَّحه الترمذيُّ، قال: ولا يُعرفُ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى خلفَ أبي بكرٍ إلَّا في هذا الحديثِ. قال مالكٌ: العملُ عليه عندَنا.

وإنْ ابتدأَ بهم الصَّلاةَ قائمًا، ثمَّ اعتلَّ في أثنائِها فجلسَ، أتمُّوا خلفَه قيامًا؛ لقصةِ أبي بكرٍ؛ ولأنَّ القيامَ هو الأصلُ. قال في "الإقناع": ولم يجزِ الجلوسُ،


(١) أخرجه البخاري (٦٨٨)، ومسلم (٤١٢).
(٢) انظر "دقائق أولي النهى" (١/ ٥٦٤).
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٤)، ومسلم (٤١٨).
(٤) أخرجه الترمذي (٣٦٢)، وصححه الألباني.
(٥) أخرجه الترمذي (٣٦٣)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>