للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وهذا يدلُّ على أنَّ أُمَّتَه أحياءَهم وأمواتَهم، قد نالَهم الأجرُ والنَّفعُ بتضحيَتِه، وإلَّا كان ذلك عبَثًا. وظاهرُ هذا: جوازُ الصَّدقةِ، وإهداءِ الثوابِ على الأمة (١) إلى يومِ القيامةِ (٢).

وما تقدَّمَ كلُّه فيمَن يأتي بالقُرَبِ احتسابًا. فأمَّا اكتراءُ مَن يقرأُ ويُهدِي ثوابَ قراءتِه، فقد قال الشيخُ تقيُّ الدِّينِ: ما علِمْت أحدًا ذكَرَه، ولا ثوابَ له، فلا شيءَ للميِّتِ. قالَه العلماءُ. انتهَى (٣).

وقال بعضُهم: إذا قُرِئَ القرآنُ عندَ الميِّتِ، وأُهدِيَ إليه ثوابُه، كان الثَّوابُ لقارئِه، ويكونُ الميِّتُ كأنَّه حاضِرُها، فتُرجَى له الرحمةُ.

وأُجيبَ بما تقدَّمَ مِنَ الأدلَّةِ، وبأنَّ الإجماعَ قائمٌ على إهداءِ ثوابِ القراءةِ، فإنَّه في كلِّ عصرٍ ومصرٍ، يجتمعون ويقرأون القرآنَ، ويهدونَ ثوابَه إلى موتاهم مِن غيرِ نكيرٍ، ولأنَّه قد صحَّ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببكاءِ أهلِه" (٤). والله أكرَمُ مِن أن يوصِلَ عقوبةَ المعصية (٥) إليه، ويحجُبَ ثوابَ القُربةِ عنه.

وأمَّا الآيةُ (٦) فمخصوصةٌ بما سلَّمَه الخصمُ، مِن حصولِ ثوابِ الواجباتِ، والصدقَةِ، والدُّعاءِ، والاستغفارِ، فيُقاسُ عليه ما وقَعَ الاختلافُ فيه، لكونِه في معناهُ.


(١) في الأصل: "عنهم ولهم".
(٢) انظر "الفروع" (٣/ ٤٣٠).
(٣) انظر "الفروع" (٣/ ٤٣١).
(٤) أخرجه البخاري (١٢٨٦)، ومسلم (٩٢٨) من حديث ابن عمر.
(٥) في الأصل: "العذاب".
(٦) مراده: قول اللَّه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>