للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكِنْ لو ضَمِنَ دَينًا حالًّا إلى أجَلٍ مَعلُومٍ، صَحَّ، ولم يُطالِبِ الضَّامِنَ قبلَ مُضيِّهِ.

(لكنْ) استدركٌ مِن قولِه: "يصحَّانٍ توقيتًا" (لو ضمِنَ) الضامنُ (دَيْنًا حالًّا إلى أجلٍ معلومٍ) كأنْ ضمِنَ الدَّيْنَ الحالَّ إلى شهرٍ ونحوِه، وكذا لو كان الدَّيْنُ مؤجَّلًا إلى شهرٍ، فضمِنَه إلى شهرين، (صحَّ) الضَّمانُ، (ولم) يكنْ لربِّ الدَّيْنِ أنْ (يُطالبَ الضَّامنَ قبلَ مُضيِّه) أي: مُضيِّ الأجلِ المعلومِ الذي أجَّلَه الضَّامنُ؛ لما روى ابنُ ماجه عن ابنِ عباسٍ مرفوعًا (١).

ولصاحبِ الدَّينِ مطالبةُ المديونِ (٢) في الحالِّ، دونَ الضَّامنِ الذي ضمِنَ بالتأجيلِ.

ويصحُّ الضَّمانُ في بعضِ الدَّيْنِ، كما لو كانَ الدَّيْنُ عشرة، فضمِنَ خمسةً، فيطالبُ الضَّامنُ بالخمسةِ.

وإنْ ضمِنَ الدَّيْنَ المؤجَّلَ حالًّا، لئم يلزمْهُ أداؤُه قبلَ حلولِ أجلِه؛ لأنَّه فرعُ المضمونِ عنه، فلا يلزمُه ما لا يلزمُ المضمونَ عنه، كما أنَّ المضمونَ لو ألزمَ نفسَه بتعجيلِ المؤجَّلِ، لم يلزمْه تعجيلُه. وإنْ عجَّلَه ضامنٌ، لم يرجعْ به على المضمونِ قبلَ حلولِ الأجلِ.


(١) يشير إلى حديث ابن عباس: أن رجلا لزم غريما له بعشرة دنانير على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال: ما عندي شيء أعطكه. فقال: لا والله لا أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل. فجره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كم تستنظره؟ " فقال: شهرًا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فأنا أحمل له" فجاءه في الوقت الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أين أصبت هذا؟ " قال: من معدن. قال "لا خير فيها"، وقضاها عنه
أخرجه ابن ماجه (٢٤٠٦)، وصححه الألباني.
(٢) في الأصل: "الدين المديون"، وانظر "مسلك الراغب" (٢/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>