والأنس, ويزيح ما يطرأ عليها من هموم مذمومة, وخواطر موحشة مسمومة, ويميط ما يعلق بها من أدران تحجب عنها إدراك ما أنعم الله به على الإنسان في هذه الحياة من خير وفير وجمال منقطع النظير, أو يمنع عنها إدراك ما تشع به الحياة من جمال الأرض في جبالها وسهولها وهضابها ووديانها وأنهارها وبحارها إلى غير ذلك مما تزخر به الأرض, ويعم به النفع, ويفوح منه شذى الورود والرياحين الطيبة التي تتمايس بها الغصون والأشجار وتشرق به الأزهار والورود, ويفوح بها عبق المسك والعود والعنبر والكافور, مما تلتذ به النفس, ويتمتع به النظر, وتزهو بها أثواب الجمال التي يدثر بها الإنسان والنبات والأنعام في أشكال تسحر الألباب, وتدل على عظمة الله الخالق الوهاب.
فأخذ النفس البشرية بالشدة وإدخال الهم والحزن والقنوط عليها غير مرغوب ولا محبوب, بخلاف الترويح عليها بما يفرح القلب, ويوصلها بالسلوى والسرور, فإنه محمود غير مذموم, ومألوف غير مبغوض, ومرغب فيه غير منفر عنه, لأنه يزيل عن النفس التشاؤم, ويستأصل شأفة الإكتئاب والإبتعاد, ويبعث في النفس النشاط, وذلك كله مما يدحض اليأس والقنوط, ويزيل الخمول والجمود, ويحث على العمل, وأنت بحاجة في سفرك وإقامتك إلى ما يروح عليك وعلى زملائك وأهلك واخوانك.
وليس الشعر الذي يصف جمال الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم, ويصف جمال الطبيعة التي وهبها الله, مما يسمو بالنفس إلى آفاق تجمل الحياة, وتلطف الجفاف القاسي بحيث يصير للنفس البشرية المكدودة