للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: تقدموا، فتقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني فجعل يضحك، وهو يقول: هذه بتلك) (١) .

وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإرشاد إلى تعليم الأبناء: السباحة والرماية وركوب الخيل, وكل ذلك مما يمرن البدن على الحركة والخفة ويدفع المرض وينشط من الكسل.

الثالثة: المحافظة على السكينة والوقار بتجنب المزاح المذموم الضار, وتوقَ مخالطة الأشرار, فما سعد من أشقى اخوانه, واضاع أخلاقه, وأكثر من المزاح المذموم, فإن من أعظم الفجائع إضاعة الصنائع, وعدم شكر الصانع, فأشرف الخُلق لطف النطق, وكرم السجية, فمن غاضك بقبح الشتم منه فغضه بحسن الحلم عنه, وكم تفرق من اخوان بسبب المزاح, قال الشاعر:

بُليتُ وَكانَ المَزحُ بَدءَ بَلِيَّتي ... فَأَحبَبتُ حَقّاً وَالبَلاءُ لَهُ بَدوُ

رَأَيتُ الهَوى جَمرَ الغَضا غَيرَ أَنَّهُ ... عَلى كُلِّ حالٍ عِندَ صاحِبِهِ حُلوُ

أَذابَ الهَوى جِسمي وَلَحمي وَقُوَّتي ... فَلَم يَبقَ إِلا الروحُ وَالجَسَدُ النَضوُ (٢)


(١) - مسند أحمد حديث (٢٦٨٧) - وسنن أبي داود, كتاب الجهاد باب السبق على الرجل، حديث (٢٥٧٨) .
(٢) - هذه الأبيات لأبي العتاهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>