للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أغفل الشافعي رحمه الله الصحة, وهي من آكد الأسباب المعينة على التحصيل والطلب وهذا مما لا يختلف فيه عالمان, ولا ينتطح فيه عنزان, والنصوص في هذا المعنى كثيرة معلومة, فليس الصحيح كالسقيم, وليس الأقطع والأشل كالذي يذهب ويجيء, فالموانع كثيرة, وعظم الجزاء مع عظم البلاء, ولبعض الشعراء:

بتسع ينال العلم: قوت وصحة ... وحرص وفكر ثاقب في التعلم

ودرس وحفظ للعلوم وهمة ... وشرخ شباب واجتهاد معلم (١)

وقال سفيان: أول العلم الإنصات, ثم الاستماع, ثم الحفظ, ثم العمل به, ثم النشر. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "لا تكون عالماً حتى تكون متعلماً, ولا تكون بالعلم عالماً حتى تكون به عاملاً". (٢)

وقال الإمام الشافعي رحمه الله:

اِصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ ... فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِهِ

فَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً ... تَجَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ

وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ ... فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعاً لِوَفاتِهِ (٣)

فمن تواضع لمن يعلم الناس الخير ظفر بمراده, ومن تعالى وتكبّر هلك وعنه الخير أدبر, قال الشاعر:

اطلبِ العلمَ ولا تكسلْ فما ... أبعدَ الخيرَ على أهلِ الكسلْ

واحتفلْ للفقهِ في الدينِ ولا ... تشتغلْ عنهُ بمالٍ أوْ خَوَلْ


(١) - الموسوعة الشعرية ص١٠٢.
(٢) - روضة العقلاء ص٣٣.
(٣) - ديوان الشافعي ص٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>