للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الفتح البُستي (١) :

عليكَ بالعَدلِ إنْ وُلِّيتَ مملكَةً ... واحذَر مِنَ الجَورِ فيها غايَةَ الحَذَرِ

فالعدلُ يُبقيهِ أنَّى احتَلَّ من بَلَدٍ ... والجَورُ يَفنيهِ في بَدْوٍ وفي حَضَرِ

فمن عدل في سلطانه انتفى الظلم عن أعوانه, فالظلم فساد الممالك وخرابها, ولله در القائل:

ثلاثة فيهن للملك التلف ... الظلم والإهمال فيه والسرف

أما ابن خفاجه فهو يقول:

فَما يَستَقيمُ الأَمرُ وَالمَلكُ جائِرٌ ... وَهَل يَستَقيمُ الظِلُّ وَالعودُ مُعوَجُّ (٢)

فمن عدل في حكمه وكف عن ظلمه نصره الحق, وأطاعه الخلق, وصفت له النعمى, وأقبلت عليه الدنيا, فتهنَّا بالعيش, واستغنى عن الجيش, وملك القلوب, وأمن الحروب, وصارت طاعته فرضاً, وأضحت رعيته جنداً, وإن أول العدل أن يبدأ المرء بنفسه, فيلزمها كل خلة زكية, وخصلة رضية, ومذهب سديد, ومكسب حميد, ليسلم عاجلاً, ويسعد آجلاً, وأول الجور أن يعمد إليها فيجنبها الخير, ويعودها الشر, ويكسبها الآثام, ويعقبها المذام, فيعظم وزرها, ويقبح ذكرها.


(١) - علي بن محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن عبد العزيز البستي, (٤٠٠هـ١٠١٠م) , ولد في بست (قرب سجستان) وإليها ينسب، وكان من كتاب الدولة السامانية في خراسان وارتفعت مكانته عند الأمير سبكتكين, وخدم ابنه يمين الدولة السلطان محمود بن سبكتكين ثم أخرجه هذا إلى ما وراء النهر فمات غريباً في بلدة (أوزجند) ببخارى, له (ديوان شعر - ط) صغير، فيه بعض شعره، وفي كتب الأدب كثير من نظمه غير مدون, وهو صاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها: (زيادة المرء في دنياه نقصان) .
(٢) - ديوان ابن خفاجه ج٣ص٣٦٩, وهو/ إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الجعواري الأندلسي, (٤٥٠-٥٣٣هـ/١٠٥٨-١١٣٨م) , شاعر غَزِل، من الكتاب البلغاء، غلب على شعره وصف الرياض ومناظر الطبيعة. وهو من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية في شرقي الأندلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>